365

وحين بلغت تضييقات أعداء الدين من الشدة درجةَ المنع من إرسال رسائل النور ومراسلات الأستاذ عبر مكاتب البريد، تولى طلاب النور مهمة نقل تلك الرسائل والمراسلات بين القرى والمدن والولايات، حتى لقد أنشؤوا فيما بينهم «سُعاة بريد النور» الذين تطوعوا من صميم قلوبهم وأرواحهم لهذا الأمر، وآمنوا بأن هذه الخدمة هي أقدس وظيفةٍ لهم.

إن هذه المراسلات الرائعة ذاتَ الحقائق البالغة والأهمية الفائقة، والتي سُمِّيت: «ملاحق رسائل النور»، قد لبَّتْ حاجاتٍ روحيةً كثيرةً لطلاب النور، وأصبحت بمثابة المرشد والدليل لهم في خدمة الإيمان والقرآن، كما كان لها الأثر البارز في تشكيل اليقظة والوعي لديهم، وعدم الانخداع بما يبثُّه أعداء الإسلام من حملاتٍ كاذبةٍ ملفَّقة.

لقد سيطر في تلك الحقبة السوداء الحالكة حُكمٌ خدّاعٌ مُبَهْرجٌ يعادي الدين ويحاربه، فوقع الكثيرون فريسةَ اليأس والقنوط، وجاءت هذه الرسائل والمكاتبات فبثَّت السرورَ والانشراح في القلوب، ورسَّخت فيها عِشقَ العمل الجادِّ في خدمة الإيمان، وأنقذت المؤمنين من اليأس، وحملت إليهم البشائر بما سيشهده المستقبل من انتصاراتٍ مجيدةٍ للإسلام من خلال رسائل النور.

أجل، إن هذه الرسائل التي ضمَّتها «الملاحق» ملأى بالحقائق التي تجذب الأرواح وتشرح القلوب وتوجِّه العقول، وسنُدرِج بعضًا منها فيما يأتي، ونُقدِّم المعلومات المتعلقة بحياة الأستاذ في «قسطمونو» من خلال مقتطفاتٍ من بعض رسائله التي كتبها هناك، كما نُورِد بعضَ رسائل طلاب النور الأوفياء الخُلَّص.

وتَبلغ الرسائل الآتية بضعًا وثلاثين رسالةً بعث بها الأستاذ من «قسطمونو» إلى طلابه في «إسبارطة»، وقد اقتبسناها من «ملحق قسطمونو» الذي يزيد على خمسمئة صفحة؛ وفيها يوضِّح الأستاذ لطلابه أهمية كتابة رسائل النور بخط اليد ونشرها، ويُرسي القواعد ويُحكِم الأساسات لخدمة الرسائل وتبليغها، ويبين أن خدمات طلاب النور التي تُرى اليوم خدماتٍ جزئيةً هي في الحقيقة أعظم قضيةٍ في العالَم، ويبشرهم بأن هذه البلاد ستشهد فتوحاتٍ معنويةً واسعةً بنور رسائل النور.

***