334

أتبوَّأ منصبًا رفيعًا في اسطنبول أو في أنقرة كما كنتُ في السابق، فأوجِّهَ آلاف الناس نحو المقصِد الذي أبتغيه، وعندها يمكنني التدخُّل في شؤون السياسة والدنيا بعزةٍ تناسب مسلكي وخدمتي، لا بمحكوميَّةٍ ذليلةٍ كهذه!!

نعم، وأَذكر بعضًا من ريائي القديم وإعجابي بنفسي، لأبيِّن خطأ مَن يريدون إسقاطي إلى مرتبةٍ تافهةٍ عديمةِ الأهمية، لا يُستفاد من وجودي فيها، فأقول على سبيل الاضطرار، دون تمدُّحٍ ولا افتخار:

أرأيتم إلى رجلٍ أخضعَ بخُطبةٍ منه ثمانيَ كتائب عسكريَّةٍ أعلنت العصيان في حادثة «الحادي والثلاثين من مارت»، وهذا أمرٌ يُصدِّقه من اطلعَ على مدافعاتِه القديمةَ المسمَّاةَ «شهادةَ مدرستَي المصيبة»..

ووجَّه أفكار العلماء في اسطنبول ضدَّ الإنكليز بمقالةٍ له تُسمَّى «الخطوات الست»، وذلك في أثناء حرب الاستقلال، فأسدى بذلك خدمةً جليلةً للحركة الوطنيَّة كما ذكرت الصحف في ذلك الحين..

وألقى خطبتَه على مسامع الآلافِ في «أيا صوفيا».

واستُقبِل بالتصفيق الحارِّ في مجلس النواب بأنقرة، وجعل مئةً وثلاثةً وستين نائبًا يوافقون ويوقِّعون على تخصيص مبلغِ مئةٍ وخمسين ألف ليرةٍ لإنشاء جامعة..

ودعا رئيسَ الجمهوريَّة إلى الصلاة وهو في مكتبه، وواجَهَ حدَّته بكلِّ ثباتٍ دون تردُّدٍ أو وجَل..

[يطلب سعيدٌ القديم المداخلة قائلًا: «لَم تتِحْ لي فرصةَ التحدُّث منذ ثلاثَ عشرة سنة، أمَّا وهُم ينظرون إليّ اليوم فيتهمونك ويتخوَّفون منك، فلا بدَّ لي أن أكلِّمهم؛ والحقيقة أن الأنانيَّة قبيحةٌ برأيي، لكن ينبغي إظهارها بصورةٍ مُحِقَّة ردًّا على الأنانيِّين المغرورين المعاندين، دفاعًا عن النفس وحفاظًا عليها ليس إلا، ولأجل ذلك لن يمكنني الحديث بلينٍ من القول وفناءٍ عن النفس كما يفعل سعيدٌ الجديد».

   وأنا بدوري أعطيتُه المجال ليتحدَّث، غير أني لا أشاركه أنانيَّتَه وتمدُّحَه؛ سعيد]