335

وعُدَّ باتفاق حكومة الاتحاديين ألْيَقَ مَن في «دار الحكمة الإسلامية» للقيام بوظيفةِ إقناعِ حكماءِ أوروبا بالحكمة الإسلامية بصورةٍ مؤثِّرةٍ..

وأُشيدَ بجهاده في الحرب ببالغ التقدير، وسارع القائد العام «أنور باشا» لاستقباله باحترامٍ كما لم يفعل مع أحد، وأُعجِب بكتابِه «إشارات الإعجاز» الذي أُلِّفَ في جبهات الحرب وصودِر اليوم، وقدَّم الورق اللازم لطباعته بغية أن تكون له حصَّةٌ في شرف تلك الذكرى الحربيَّة وثوابِها.

أقول: إن رجلًا كهذا لا يمكن أن يتنزَّل فيورِّط نفسَه في أرذَل الجنايات كنشَّالٍ أو سارقِ بغلٍ أو خاطف فتاةٍ، ليُلحِق العارَ بعزَّتِه العلميَّة، وقدسيَّةِ خدمتِه، وسُمعةِ الآلاف من أصحابه الأعزاء، بحيث تعاملونه معاملةَ سارقِ نعجةٍ أو خروف، وتحكمون عليه بالسجن عامًا كاملًا.

فبعد عشر سنين من الإيذاء بالمراقبة الصارمة دون سبب، تحكمون عليه الآن بالسجن سنةً، وتضعونه تحت الإقامة الجبريَّة سنةً أخرى، ليقع تحت تحكُّم مُخبِرٍ حاقِدٍ أو شرطيٍّ بسيط، وهو الذي لم يحتمل تحكُّم السلطان!! ألا إنه يرى أن الحكم بإعدامه أولى.

ولو أن رجلًا كهذا تدخَّل في أمورِ الدنيا أو رغِب في التدخُّل فيها، وكانتْ خدمتُه القدسيَّة تسمح له بذلك، لتدخَّل على نحوٍ يفوقُ «حادثة مَنَمَنْ» و«واقعةَ الشيخ سعيد» بعشرات الأضعاف، ولكانَ تدخُّلًا مدويًّا هادرًا كهدير مدفعٍ تترامى أصداؤه إلى أنحاء الدنيا، لا كطنينِ ذبابةٍ خفيضٍ خافت!!

أجل، إنني ألفت نظر حكومة الجمهورية إلى ما يكشِف عن تدابير المنظمات السريَّة التي ساقتني إلى هذا البلاء، وما دبَّرتْه من المكائد والحملات المُغرِضة؛ فبسببِ تقارير المتآمرين العاملين على خداع الحكومة استمرَّت الاستجوابات والتحريات في كلِّ