326

وأنا بدوري أتهم هؤلاء الظَّلَمة الملحدين بأنهم يجعلون السياسةَ أداةً للإلحاد، ويخشون أن يُفتَضَحوا، ويسعَون جاهدين لسَتر هذا الأمر الرهيب الذي يضعهم موضعَ الاتِّهام، فيردِّدون تهمةَ: «إنَّ سعيدًا يجعلُ الدين أداةً للسياسة».

فما داموا يريدون إدانتي على أيَّةِ حالٍ، فإني أقول لأهل الدنيا: إني أربأ بنفسي عن التذلُّل لاستنقاذِ سنةٍ أو سنتَين من عُمرِ الشيخوخة هذا.

…….

العمدة الخامسة: وهي أربع نقاط:

النقطة الأولى: يجري التلاعب بالعبارات المقتبسة من الرسائل في لائحة القرار، إذْ يُستخرَج من معناها التعريضُ بالرغم من أنه غير مقصود؛ والحال أنه حتى لو وُجِد في كلماتِ رسائل النور تصريحٌ -لا تعريضٌ غيرُ مقصود- لاستحقَّ أن يُنظَر إليه بعين العفو والمسامحة، إذْ إن هدف رسائل النور مختلفٌ تمامًا؛ وهذا المثال مقياسٌ يوضِّح هذه النقطة:

فمثلًا: أذهب في طريقي راكضًا متوجِّهًا نحو مقصِدٍ لي، فإذا اصطدمتُ في أثناء ذلك برجلٍ كبيرٍ فوقعَ أرضًا، فقلتُ له: المعذرةَ يا سيدي، كنتُ ذاهبًا نحو وجهتي فاصطدمتُ بك دون قصد، فإنه لن يستاء من ذلك بل سيعفو بالتأكيد؛ أما إنْ لامستُ بإصبعي أذنَه عمدًا بصورةِ إزعاج، فسيَعُدُّه إهانةً ويستاء مني.

…….

فإنِ اصطدمتْ رسائل النور في أثناء حركتها العلميَّة والفكريَّة بسياسة أهل الدنيا، أو وُجِدَ فيها كلماتٌ شديدة اللهجة، فاللائق بها العفو والمسامحة، إذْ إنَّ هدفَها الإيمانُ والآخرة، ونحن إنما نسير نحو هدفِنا وليس مقصِدُنا التعرُّضَ لكم.

…….