327

تعرَّضتُ لظلمٍ لم يُرَ مثلُه في الدنيا:

فبالرغم من أن مدافعتي الأخيرة ولوائحَ الاعتراض الثلاث، قد أثبتتْ بأدلةٍ قطعيَّةٍ من عشرين جهة أن المادَّة (163) لا تشملني مطلقًا، فقد أصرُّوا على إدانتي لمجرَّد أن خمسَ عشرةَ كلمة من بين مئات آلافِ الكلمات لم توافق بعضَ موادِّ القانون المدني، علمًا بأنه أُقِرَّ بعدها بزمنٍ طويل بناءً على ضرورات العصر.

وبالرغم من أن رسائلي المئة والعشرين التي أُلِّفَتْ خلال عشرين سنة تحوي اكتشافاتٍ معنويَّةً جليلة، إلا أنه صودِرتْ نُسَخُها المتداولةُ لمجرَّدِ احتوائها على بضعِ نقاطٍ محدودةٍ لا تبلغ عشرين كلمةً، هي عندهم محلُّ انتقاد.

وبالرغم من مدافعاتي العلميَّة الحقيقية التي تردُّ على الملحدين واللادينيين من تلاميذ فلاسفة أوروبا، وهي مدافعاتٌ قيِّمة نافعةٌ أخرويَّة كتبتُها في أوقاتٍ متفرِّقة حين كنتُ عضوًا في «دار الحكمة الإسلاميَّة» إلا أن جميعَ ادعاءاتي ومدافعاتي العلميَّة والمنطقيَّة والقانونيَّة رُفِضَتْ عند المحاكمة رفضًا غير مبرَّرٍ ولا قانونيٍّ، وبدون إبداء الأسباب الموجبة.

ولا بدَّ من تفسير المعنى الفضفاض الذي تتضمنه المادة القانونيَّة رقم (163) حين تتحدث عن «مثيري المشاعرِ الدينيَّة التي يمكن أن تُخِلَّ بالأمن»، كما لا بدَّ لهذه العبارة من قيودٍ احترازيَّة؛ وإلا فيمكنها بمعناها الواسع هذا أن تَشمَل جميع أهل الدين والوعَّاظ والأئمة، وفي مقدمتهم رئاسة الشؤون الدينيَّة، مثلما سبق أنْ شُمِلْتُ وأُدِنتُ بها شخصيًّا؛ وبالرغم من مدافعاتي القطعيَّة الحقيقيَّة التي تَنوفُ على مئةِ صحيفة، إلا أن هذه المادة تُفسَّر تفسيرًا يجعلني مشمولًا بحكمها، ما يعني أنه يمكن أن يقع تحت حُكمِها كلُّ شخصٍ يقـدِّم نصيحةً، بل كـلُّ مَن يُرشِـد صديقَه إلى طريق الخير.