559

هو نفسُه أجلى مَظهرٍ لذلك الاسم، فلا شكَّ ولا ريب ولا شبهة أنه بموجَبِ هذه الحقائق العشرين سيكونُ للإنسان حشرٌ ونشر، وسيُكافأ على ما أسلَف من خِدماته، ويُعاقَبُ على ما اقترف من سيئاته بموجَب اسم «الحق»، وسيُحاسَب ويُسأل عن جميع أعماله المُحصاةِ عليه جُزئيِّها وكُلِّيها بموجَب اسم «الحفيظ»، وأنه ستُفتَح في دار البقاء أبوابُ دارِ ضيافةِ السعادة الأبدية، وأبوابُ سجنِ الشقاء الدائم، وأن من كان ضابطًا يقود كثيرًا من طوائف المخلوقات في هذا العالَم ويتدخل في شؤونها ويُفسِد أمرَها في بعض الأحيان، لن يُعفى من المساءلة بدخوله تحت أطباق الثرى، ولن يتوارى هناك من غير بعث.

وإلا، فإنه من الباطل البيِّنِ البُطلان، والممتنعِ الخارجِ عن الإمكان، والقبح المتناهي في الظلم، أن يُسمَعَ من الذبابة طنينُها فتُجابَ إجابةً فعليةً بإعطائها حقَّ الحياة، ثم لا تُسمَعَ أدعيةٌ تَهدِر كالرعد، وتبلغ العرشَ والفرش، تدعو بها الحقوقُ الإنسانيةُ غيرُ المحدودة سائلةً البقاءَ بألسنة الحقائق العشرين المذكورة، فتضيعَ بذلك حقوقٌ لا حدَّ لها.

وكذا إنه لَمِنَ الباطل والممتنع والقبيح بحقِّ حكمةٍ لم تُسرِف ولو بمقدارِ جناح بعوضة -بشهادةِ انتظامِ الجناح نفسه- أن تُسرِف كلَّ الإسراف بإهدارِ الاستعدادات الإنسانية المتعلقة بتلك الحقائق العشرين، وتبديدِ الآمال والرغبات المتطلِّعة إلى الأبد، وتضييعِ ما يغذِّي هذه الاستعدادات والآمال من حقائقَ كثيرةٍ تنطوي عليها الكائنات وروابطَ جمَّةٍ تربط الإنسانَ بها.

أجل، إن هذا لَباطلٌ قبيحٌ خارجٌ عن الإمكان، بحيث ترفضه جميع الموجودات الشاهدةِ على أسماء «الحق»، «الحفيظ»، «الحكيم»، «الجميل»، «الرحيم»، قائلةً: إنه محالٌ بمئة درجة، ممتنعٌ بألف وجه.

فهكذا تجيبنا أسماءُ خالقنا سبحانه عن سؤالنا المتعلق بالحشر، وتقول لنا: «مثلما نحن حقٌّ وحقيقة، فالحشر حقٌّ مُحقَّقٌ كتحقُّقِ الموجودات الشاهدة علينا».

ثم ما دام…