560

كنت سأكتب المزيد، لكنني اختصرتُ لكون الأمر معلومًا كالشمس.

إذًا فبالقياس على ما سبق من الأمثلة واللزوميات المُصدَّرة بـ «ما دام»، فإن كل اسمٍ من أسماء الله الحسنى المئة بل الألف الناظرةِ إلى الكائنات، مثلما يُثبِت مسمَّياتِه بداهةً من خلال جَلَواته ومراياه في الكائنات، يُجلِّي كذلك الحشرَ والدارَ الآخرة ويُثْبِتها قطعًا.

وكما أجابنا ربُّنا سبحانه عن سؤالنا هذا جوابًا قدسيًّا قطعيًّا عبر جميع بلاغاته وكُتبه المُنزلة، وعبر معظم أسمائه التي سمَّى بها نفسَه، يجيبنا كذلك عبر ملائكته وبألسنتهم جوابًا بأسلوبٍ مختلف، إذْ تقول لنا الملائكة: إننا نُبيِّن لكم بيانًا قاطعًا أنَّ ثمة الكثير من وقائع لقائكم بنا وبالروحانيين، وهي وقائعُ بالمئات منذ عهد آدم تبلغ قوة التواتر، وإنَّ ثمة دلائلَ وأماراتٍ لا تُحَدّ تدل على وجودنا وعبوديتنا نحن والروحانيين، وكنا قد أخبرنا قادتَكم الأنبياءَ عند لقائنا بهم وما زلنا نُخبِر بأخبارٍ متطابقةٍ عن تجوالنا في عوالم الآخرة وفي بعض منازلها، ولا ريب أن هذه العوالم الرائعةَ الباقيةَ التي جُلْنا فيها وفيما وراءها من قصورٍ ومنازل مهيأةٍ مزيَّنةٍ إنما هي لضيوفٍ في غاية الأهمية بلا شك، فهي تنتظر حلولَهم وسُكناهم فيها.

فهذا ما تجيبنا به الملائكة عن سؤالنا.

ثم ما دام خالقُنا جلَّ شأنه قد عيَّن لنا محمدًا العربي عليه الصلاة والسلام أعظمَ معلمٍ وأكملَ أستاذٍ وأصدقَ هادٍ لا يَضِلُّ ولا يُضِلّ، وأرسله إلينا آخرَ سفيرٍ، فيلزمنا إذًا أن نسأله أولًا نفسَ السؤال الذي سألْناه خالقَنا سبحانه، لنتكمَّل ونترقّى من مرتبة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين، فحقِّ اليقين، لأن هذا السيد المصطفى (ص) مثلما أثبتَ أن القرآن حقٌّ وأنه كلام الله من خلال المئات من معجزاته التي كلُّ واحدةٍ منها علامةُ تصديقٍ له من قِبَل الله تعالى، ومن خلال كونه هو ذاتُه (ص) معجزةً من معجزات القرآن، فإن القرآن بالمقابل قد أثبت بأربعين نوعًا من الإعجاز أنه معجزةٌ من معجزات هذا