حين كان الأستاذ بديع الزمان في سجن «دَنِزْلي» ألَّفَ «رسالةَ الثمرة» في يومَي جُمُعة، وهي رسالةٌ قيِّمةٌ تتألف من تسع مسائل في غاية الأهمية، وتجمع حقائقَ رسائل النور بإيجازٍ؛ وكان طلاب النور قد عكفوا مدةَ سجنهم على كتابتها وقراءتها مراتٍ عديدة، وكانت في أول أمرها كُتِبَت ونُشِرت بين غُرَف السجن سِرًّا ضمن عُلب الكبريت، ثم صارت تُكتَب بحريَّةٍ بعد أن تبيَّن أنها رسالةٌ في غاية النفع والأهمية، وأنها مفيدةٌ لمن في السجون كأنها التِّرياق؛ كما أُرسِلتْ هذه الرسالة إلى محكمة «دَنِزْلي» ومحكمة التمييز والجهات الرسمية في أنقرة بوصفها وثيقةَ دفاعٍ حقيقيةً عن رسائل النور.

ونظرًا للأثر البارز الذي تركتْه رسالة الثمرة في سجن «دَنِزْلي»، ولكونها أصبحت بوجهٍ ما سببًا للبراءة لما تحمله من حقائق إيمانية، رأينا من المناسب أن ندرِج هنا المسألتَين السادسة والسابعة منها.

المسألة السادسة من رسالة الثمرة

إشارةٌ مختصرةٌ إلى برهانٍ واحدٍ من آلاف البراهين الكُلِّية على ركن الإيمان بالله الذي سبق إيضاحُه وبيانُ حُجَجِه القطعية غير المحدودة في مواضع كثيرةٍ من رسائل النور.

جاءني فريقٌ من طلاب الثانوية في «قسطمونو» قائلين: عرِّفْ لنا خالقَنا، فإن مدرِّسينا لا يذكرون شيئًا عن الله.

فقلتُ لهم: إن كلَّ علمٍ من العلوم التي تدرسونها يتحدَّث عن الله بلسانٍ مخصوص، ويعرِّف بالخالق على الدوام، فأصغوا إلى تلك العلوم دون المدرِّسين.