المكتوب السادس عشر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ [آل عمران:173]

لقد صار هذا المكتوب مَظهَرًا لسرِّ: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ [طه:44]، فلم يُكتَب بلهجةٍ شديدة.

وهو جوابٌ على سؤالٍ يَرِد من كثيرين صراحةً أو ضمنًا؛ ولستُ أرغب في تقديم هذا الجواب ولا أُسَرُّ بذلك، فقد فوضتُ جميع أموري إلى الله متوكِّلًا عليه؛ إلا أنهم لما لم يتركوني وشأني، ولم يدَعوني أرتاح في عالمي، وحوَّلوا وجهي نحو الدنيا، فإنني مضطرٌ لأن أبيِّن بلسان «سعيدٍ القديم» لا الجديد خمسَ نقاط عن حقيقة الحال، أبيِّنها لأصحابي من جهةٍ، ولأهل الدنيا وأهل الحُكمِ من جهةٍ أخرى، لا لأنقذ شخصي، بل لأنقذ أصحابي ورسائلي من هواجس أهل الدنيا وأذاهم.

النقطة الأولى: قيل: لِم انسحبتَ من السياسة فلم تَعُد تَقرَبُها؟

الجواب: إنَّ «سعيدًا القديم» الذي كان موجودًا قبل نحو عشر سنوات قد خاض غمارَ السياسة بقدرٍ ما قائلًا: «لَعلِّي أخدِم الدين والعلم بواسطتها»؛ إلا أنه أُرهِق منها دون طائل، ورأى أن هذا الطريق مشكوكٌ فيه، محفوفٌ بالمشاكل والمخاطر، وأنه بالنسبة