355

ذيل المكتوب السادس عشر

باسمه سبحانه * وإن من شيءٍ إلا يسبِّح بحمده

فرض عليَّ أهلُ الدنيا قيودًا مشددةً تحسُّبًا بغير مبرِّر، متوهِّمين أن رجلًا عاجزًا غريبًا مثلي له من القوة ما لآلاف الرجال، ولم يسمحوا لي بالبقاء ليلةً أو ليلتين في أحد جبال «بارلا» ولا في «بَدرة» الواقعةِ على مقربةٍ منها؛ ولقد سمعتهم يقولون: إن سعيدًا بقوة خمسين ألف جندي، فلهذا لا ندعُه حرًّا طليقًا.

وأنا أقول: يا أهل الدنيا التعساء.. إنكم تعملون بكل قوتكم لأجل الدنيا، فلماذا لا تعلَمون شؤونها حتى صرتم تحكمون كالمجانين، ألا إنه إنْ كان خوفكم من شخصي فإنَّ جنديًّا واحدًا -لا خمسين ألفًا- يمكنه أن يتكفَّل بالأمر أكثر مني بخمسين مرة، أي يمكنه أن يقف بباب غرفتي فيقول لي: لن تخرج.

أما إن كان خوفكم من مسلكي ومن كوني دلَّالًا للقرآن ومن القوة الإيمانية المعنوية فأنتم مخطئون.. ألا فاعلموا أنني من حيث المسلك بقوة خمسين مليونًا لا خمسين ألفًا، إذ إنني أبارز بقوَّةِ القرآن الحكيم جميعَ أوروبا ومعها مُلحِدوكم، ولقد أتيتُ إلى قلاعهم المُحكَمة المسماةِ الطبيعةَ والعلومَ المادية فجعلت عاليَها سافلَها بما نشرتُ من الأنوار الإيمانية، وأسقطتُ أكبر فلاسفتهم الملحدين إلى ما دون منزلة الحيوان.

فلو اجتمعت عليَّ جميع أوروبا ومعها مُلحِدوكم ما استطاعوا أن يصرفوني عن مسألةٍ واحدة من مسائل مسلكي بتوفيق الله، وما استطاعوا أن يغلبوني بإذن الله؛ وما دام الأمر كذلك فلستُ متدخِّلًا بدنياكم، فلا تتدخلوا بآخرتي، فإن فعلتم كان ذلك بغير طائل.

فقوَّة السواعد لا ترُدُّ قدَرَ الله

والشمعةُ التي أشعلها المولى لا تُطفِئُها الأفواه