368

القرآنية القوية إلى رسائل النور؛ والبِشارات القرآنية المهمة المتعلقة بتلاميذها؛ ومن كونها مَظهرًا لعناية الأقطاب؛ لدرجة أنها نالت من الاستحسان والتقدير القدسيَّين ما لم ينَلْه مؤلَّف، إذْ وَرَدَ على خاطري فجأةً أن الحكمة والسر من وراء هذه الإشارات والبشارات والعنايات إنما هو عَظَمة المُصاب وهولُه.

نعم، فأهمية الرسائل لا تكمن في عَظَمتها الفائقة، بل في جهادِها وتصدِّيها لهذه المصيبة بتخريباتها وأهوالها غير المسبوقة، وقد نالتْ أهميةً عظمى برغم قلة هذا الجهاد، بحيث تحمل هذه الآيات إشارةً وبشارةً قرآنيتَين للداخلين إلى دائرة رسائل النور بأنهم سينقذون إيمانهم الذي يتهدده الخطر، فيدخلون به القبر ليمضوا به إلى الجنة.

أجل، قد يرتقي جنديٌّ عاديٌّ بخدمةٍ أدَّاها إلى ما فوق مرتبة المشير، فينال قيمةً بآلاف الدرجات.

***

إن أكثر حِكَم التكرار الذي في القرآن المبيَّنة في آخر «الكلمة التاسعة عشرة» جاريةٌ كذلك في رسائل النور، لا سيما الحكمة الثانية منها، فهي موجودة بتمامها في الرسائل، وفحواها أن كل إنسان محتاجٌ إلى القرآن في كل آن، لكن ليس بمقدور كل إنسان أن يقرأ جميع القرآن في كل آن، وإنما بمقدوره قراءة سورةٍ منه في الغالب، فلهذا أُدرِجت أهم المقاصد القرآنية في معظم السور الطويلة، فأصبحت كل سورةٍ بحكمِ قرآنٍ مصغر.

وعليه فقد كُرِّرَتْ بعض المقاصد، كالحشر والتوحيد وقصة موسى عليه السلام، لكيلا يُحرَم منها أحد؛ ولأجل هذه الحكمة نفسها تكررت الحقائق الإيمانية الدقيقة وحُجَجُها القوية في العديد من الرسائل، بغير علمي أحيانًا، وبغير رضاي واختياري، وكثيرًا ما كنت أحارُ في الأمر وأتساءل: لماذا أُنسيتُها؟ ثم علمتُ فيما بعدُ بصورةٍ قطعيةٍ