369

أن كل شخصٍ في هذا الزمان محتاجٌ إلى رسائل النور، غير أنه ليس بمقدوره الحصول عليها جميعًا، وحتى إن حصل عليها فليس بمقدوره قراءةُ جميعها، وإنما يمكنه الحصول على رسالةٍ صغيرةٍ جامعةٍ صارتْ بحكم مجموعةِ رسائلِ نورٍ مصغرة، فيمكنه أن يقرأ منها المسائل التي يحتاجها في أكثر الأوقات، وكما تتكرر حاجته في كل وقت إلى الغِذاء مثلًا تتكرر مطالعته أيضًا.

سعيد النُّورْسِيّ

***

باسمه سبحانه

لما كانت الشفقة الإنسانية جَلوةً من جلوات الرحمة الربانية، لم يكن لها أن تتجاوز درجة هذه الرحمة، أو تتعدى مرتبةَ شفقةِ مَن أُرسِل رحمةً للعالمين (ص)، فإن تجاوزتْها أو تعدَّتْها لم تكن رحمةً ولا شفقةً بحال، بل تكون مرضًا روحيًّا وسُقمًا قلبيًّا يُفضيان إلى الضلالة والإلحاد.

فمثلًا: إنَّ تَحَرُّج شفقةِ المرء من أُمورٍ كإحراق الكفار والمنافقين في جهنم، والجنوحَ إلى تأويلها، إنما هو إنكارٌ وتكذيبٌ لقسمٍ عظيمٍ من القرآن والأديان السماوية، فضلًا عن أنه ظلمٌ عظيمٌ وقسوةٌ بالغة؛ ذلك أن الشفقة والحنو على الوحوش التي تُمزِّق الحيوانات البريئة قسوةٌ شديدةٌ على هذه الحيوانات المسكينة ووحشيةٌ وانعدامُ ضمير؛ وكذلك الأمر تجاه من يدمِّرون الحياة الأبدية لآلاف المسلمين، ويدفعون المئات من أهل الإيمان إلى الآثام المروعة وسوء العاقبة، فلا شك أن التعاطف بشفقةٍ مع أولئك والدعاء لهم بالنجاة من العقاب رحمةً بهم ليس إلا وحشيةً شنيعة وقسوةً مروِّعة بحق هؤلاء المظلومين من أهل الإيمان.