519

أشهرٍ على خمسةَ عشر شخصًا من بين إخواني المئة والعشرين الموقوفين، ولم تنطلق في هذا الحكم من أرضيةٍ قانونية، بل من قناعةٍ شخصيةٍ، متذرِّعةً بوجودِ بضع كلماتٍ في مئةٍ وثلاثين رسالة تمسُّ من شأن شخصٍ مشهورٍ ذي مقامٍ دنيوي، وليس هذا إلا حجةً قاطعةً على أن تعرُّضكم لي ولرسائل النور ظلمٌ شنيعٌ مبناه وهمٌ باطل؛ على أنه ليس لي من درسٍ جديدٍ، ولم يبق لي سرٌّ خفيٌّ كي تعملوا على تعديله وتقويمه من خلال المراقبة.

إنني محتاجٌ اليوم إلى حريتي أشدَّ الاحتياج.. كفى ملاحقاتٍ ومراقباتٍ ظالمةً لا داعي لها ولا جدوى منها طَوالَ عشرين سنة.. لقد نَفِد صبري.. ولعلي أدعو عليكم دعاءً لم أدعُ به من قبل لضعفي وشيخوختي.. وإنها لحقيقةٌ لا شكَّ فيها أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين العرش حجاب. [إشارة إلى الحديث الشريف: «اتَّقِ دعوةَ المظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب»، متفقٌ عليه؛ هـ ت]

ثم إن أولئك الظلمة الأشقياء الذين يتبوَّؤون مناصبَ دنيويةً مهمةً قالوا لي: إنك منذ عشرين سنةً لم تعتمر قبعتَنا ولو مرةً واحدة، ولم تحسِر عن رأسك في المحاكم السابقة والحالية، وبقيتَ على زِيِّك التقليدي، مع أنه قد التزم بالزي الحديث سبعةَ عشر مليونًا؟!

فقلتُ لهم: إنني أُفضِّل أن آخذ بالتقوى والعزيمة الشرعية، فأرتدي الزيَّ الذي يرتديه سبعةُ ملياراتٍ من الأماجد الكرام، على أن أرتدي بالإكراه القانوني والرخصة الشرعية زيًّا يرتديه لا سبعةَ عشر مليونًا، ولا حتى سبعةُ ملايين، بل سبعةُ آلافٍ من السِّكِّيرين المفتونين بأوروبا، هم وحدَهم من يرتديه راضين مختارين.

ولا ينبغي أن يقال عن رجلٍ مثلي ترك الحياة الاجتماعية منذ خمسٍ وعشرين سنة: «إنه يعاندنا ويعارضنا»؛ بل حتى لو كان الأمر عِنادًا، فما دام مصطفى كمال نفسُه عجز عن كسره، ولم تقدر عليه محكمتان، ولم يقدر على النيل منه رجالُ الحكومة في ثلاث محافظات، فمن أنتم حتى تحاولوا عبثًا كسرَ هذا العناد، فتَضرُّوا بسعيكم هذا الحكومةَ والشعب؟!