414

ثم إنها تَهَبُ كلَّ تلميذٍ حقيقيٍّ صادقٍ ثابتٍ من تلاميذها أدعيةً مقبولةً يلهج بها تلاميذُها بآلاف الألسنة المخلصة في كلِّ يومٍ، وتُنِيْلُه مثلَ أجور الأعمال الصالحة التي يقوم بها الآلاف من أهل الصلاح، وفقًا لدستور الاشتراك في الأعمال الأخروية، وبذلك تجعل كلَّ تلميذٍ حقيقيٍّ صادقٍ ثابتٍ من تلاميذها بمثابة آلاف الأشخاص من حيث العمل، والدليل على هذا إخباراتٌ ثلاثةٌ ذات كرامةٍ وتقديرٍ من الإمام علي رضي الله عنه، وبشارةٌ ذات كرامةٍ غيبيةٍ مشجِّعةٌ مستحسنةٌ من الغوث الأعظم، وإشاراتٌ قويةٌ من القرآن معجزِ البيان؛ فهي تُثبِت إثباتًا قطعيًّا أن أولئك التلاميذ المخلصين سيكونون من أهل السعادة وأهل الجنة بإذن الله؛ ولا شك أن مثل هذا الفوز يتطلب مثل ذلك الثمن.

وما دامت هذه هي الحقيقة، فإنه يلزم مَنْ كان قريبًا من دائرة رسائل النور من أهل العلم وأهل الطريقة وأصحاب المشارب الصوفية أن يدخلوا في تيارها، ويُقَوُّوها بما عندهم من رصيدٍ آتٍ من العلم والطريقة، وأن يعملوا على توسعتها، ويشجعوا تلاميذها، وأن يُلقوا أنانيتهم الشبيهة بقطعة جليدٍ في حوض ماء الحياة الذي في دائرتها، ويذيبوها فيه، ليفوزوا بالحوض كاملًا.

وإلا فإنهم بشَقِّهم طريقًا آخر يُلحقون الضرر بأنفسهم، كما يُلحقونه من حيث لا يشعرون بهذه الجادة القرآنية المستقيمة المتينة، بل ربما قدموا بذلك نوعًا من العون للزندقة من حيث لا يشعرون.

سعيد النُّورْسِيّ

***