416

فحرَموا أنفسَهم حقَّ الشفقة وأهليةَ الرحمة وفقًا للقاعدة الأساسية القائلة: «الراضي بالضرر لا يُنْظَر له»، أي من رضي الضرر لنفسه لم يُشْفَق عليه، فلا يُشْفَق عليهم ولا يُرثى لحالهم، إذ هم مَن جلبوا المصائب لأنفسهم من غير داعٍ لذلك.

وأحسب أنه لم يحافظ أحدٌ على سلامة قلبه وراحة روحه ولم ينقذها من نيران الحريق وأهوال العواصف التي تشهدها الكرة الأرضية سوى أهل الإيمان وأهل التوكل والرضا الحقيقيين، ولهذا كان الداخلون إلى دائرة رسائل النور بالتزامٍ وثباتٍ أكثرَ الناس إنقاذًا لأنفسهم، لأنهم ينظرون بنورِ دروس الإيمان التحقيقي التي تلقَّوها من رسائل النور، وينظرون بعينها، فيرون في كل شيءٍ وجهَ الرحمة الإلهية وأثرَها، ويشاهدون في كل شيءٍ كمالَ حكمتها وجمال عدالتها، ويقابلون المصائب الآتية من إجراءات الربوبية الإلهية بالرضا والتسليم مبتسمين، ويُظهِرون الرضا، ولا يُقدِّمون شفقتهم على الرحمة الإلهية فيقاسوا العذاب والألم.

وبناءً على هذه الحقيقة، فمن أراد السعادة واللذة لا في الحياة الأخروية فحسب، بل في الحياة الدنيا كذلك، أمكنه أن يجدها، بل وجدها في دروس رسائل النور الإيمانية والقرآنية كما برهَنَتْ على هذا تجاربُ لا تُحد.

سعيد النُّورْسِيّ

***