رسالةٌ مهمةٌ كتبها الأستاذ بديع الزمان
أثناء الحرب العالمية الثانية

باسمه سبحانه

لقد آلمني وهزَّ مشاعري لفرطِ الرِّقة والشفقة ما حَلَّ بالمساكين من نكباتٍ وشدائدَ ومجاعاتٍ جَرَّاءَ هذه المصيبة البشرية، فضلًا عن برد الشتاء القارس والبرد المعنوي الشديد؛ ولقد أُخطِرتُ فجأةً بأن في هذه المصائب وأمثالها من الرحمة والمكافأة المعنويَّين -حتى للكفار- ما يُهوِّن من وَقْعِها، وأن أمثال هذه المصيبة السماوية تُعَد نوعًا من أنواع الشهادة بالنسبة إلى الأبرياء.

ومع أني مقطوعُ الصلة بأحوال العالَم وحربه منذ ثلاثةِ أو أربعةِ أشهر، إلا أني تذكرت بأسًى الأطفالَ والضعفاءَ في أوروبا وروسيا، فبَيَّنَ ذلك الإخطارُ المعنويُّ تقسيماتٍ صارت مرهمًا يداوي هذه الشفقة المؤلمة؛ وأسرد هذه التقسيمات فيما يلي:

فأما الذين قضوا نحبهم أو شُرِّدوا وتقطعت بهم السُّبُل جَرَّاء تلك المصيبة السماوية، أو جَرَّاء تلك النكبة التي حلَّتْ بهم لِـجناية مَنْ ظلموا منهم، فإن كانوا دون سن الخامسة عشرة فهم في عِداد الشهداء مهما يكن دينُهم، والمكافأةُ المعنوية التي تنتظرهم كما هي حال المسلمين تجعل تلك المصيبة بحكم المعدوم.