399

وإن حادثة الاعتراض المعلومة تومِئ إلى أن رسائلَ النور ستَلقى في المستقبل هي وتلاميذها اعتراضاتٍ من بعض المعجَبين بمشربهم ممن لهم منزلةٌ بين الناس، ومِن بعضِ أنانيي المشارب الصوفية، وبعضِ أهل الحق وأهل الإرشاد ممن لم يَفْنَوا عن نفوسهم الأمارة ويتخلصوا من ورطة حب الجاه، حفاظًا على رواج مسالكهم ومشاربهم وحُسْنِ توجُّه أتبَاعهم، بل ربما واجهوا رسائل النور وتلاميذها مواجهةً تثير الدهشة، فالواجب علينا في مثل هذه الحوادث أن نتحلى بالثبات ورباطة الجأش، وألا ننجرَّ إلى العداوة أو نوجِّه لرؤساء تلك الفئاتِ المعارِضة سهامَ الرد والتفنيد.

اضطررتُ لإفشاء سرٍّ لم يكن يخطر ببالي إفشاؤه، وهو أن كلًّا من الشخص المعنوي لرسائل النور، والشخص المعنوي لخواصِّ تلاميذها، وهم ممثِّلو شخص الرسائل المعنوي، هما مظهرُ مقام «الفريد»، وعليه فإنهما مثلما كانا خارج دائرةِ تصرُّفِ القطب الأعظم الذي يكون أكثر ما يكون في الحجاز -فضلًا عن أن يدخلا تحت تصرفِ قطبِ بلدٍ ما- فإنهما لَيسا مضطرَّين كذلك للدخول تحت حكمه أو الاعتراف به، كما هي الحال في مسألة وجود الإمامين في كل زمان.

ولقد كنت أظن منذ زمن بعيد أن شخص رسائل النور المعنوي هو أحد الأئمة، ثم تبين لي الآن أنه لما كانت «الفردية» قد اجتمعت مع «القطبية» و«الغوثية» في القطب الأعظم، كانت رسائل النور التي يرتبط بها تلاميذ الغوث الأعظم في آخر الزمان مظهرَ «مقام الفردية» ذاك.

وبناءً على هذا السر العظيم الجدير بالكتمان فلو فرضنا مُحالًا وُرودَ اعتراضٍ على رسائل النور حتى من القطب الأعظم بمكة المكرمة، فينبغي على تلاميذ رسائل النور ألَّا يضطربوا لذلك الأمر، وإنما عليهم أن يَعدُّوا اعتراض ذلك القطب الأعظم المبارك بمثابة تحيةٍ وثناءٍ منه، كما عليهم أن يوضحوا لأستاذهم الجليل هذا نقاطَ الاعتراض ويقبِّلوا يديه لينالوا إقباله.