406

باسمه سبحانه

إخواني الأعزاء الأوفياء.. لا يمكن لرسائل النور أن تُتخَذَ وسيلةً للأمور الدنيوية ولا دِرْعًا لها، إذْ هي عبادةٌ تفكريةٌ جليلةُ الشأن، لا تُطلَب بها مطالبُ دنيويةٌ قصدًا، فإن طُلِبتْ فَسَدَ الإخلاص وتبدَّل شكلُ هذه العبادة التفكرية الجليلة.

وما ينبغي لرسائل النور أن تُتَّخَذَ تُرسًا في مواجهة الخصوم المعاندين، كما يفعل بعضُ الصبيان حين يَتَشاجرون، فيتترَّسون بالمصحف في عِراكهم، فتقع الضربةُ على المصحف لا الرأس.

نعم، صحيحٌ أن الصفعات تَنْهالُ على مَنْ يَتَعرَّضون لرسائل النور، وهذا أمرٌ تشهد له مئات الوقائع، إلا أنه لا يُصْفَع برسائل النور، ولا تتأتى الصفعات بالنية أو القصد، لأن ذلك منافٍ لسرِّ الإخلاص وسرِّ العبودية، ونحن إنما نُحيل من يظلمنا على ربنا سبحانه، فهو من يحمينا، وهو من يستعملنا في خدمة رسائل النور.

نعم، وتترتب على رسائل النور نتائجُ عظيمةٌ كثيرةٌ ذات صلةٍ بالدنيا، كما هي الحال في بعض الأوراد الجليلة، لكنها نتائجُ تُوهَب ولا تُطلَب، ولا يجوز أن تكون علةَ الفعل، وإنما يمكن أن تكون فائدةً من فوائده، فإن طُلِبَتْ صارتْ علةً، فأفسدت الإخلاص، وأبطَلت قسمًا من تلك العبادة.

أجل، فما المقاومة المظفَّرةُ التي تحققتْ للرسائل في مواجهة المعاندين العتاة إلا من سرِّ الإخلاص، ومن عدم توظيفها أداةً لشيء، ومن عدم سعيها خلف مقصدٍ سوى الخدمة الإيمانية، ومن توجُّهِها المباشر نحو السعادة الأبدية، ومن عدم التفاتها إلى الكشف والكرامات التي يوليها بعضُ أهل الطريقة أهميةً، ومِن حصر وظيفتها في نشر أنوار الإيمان، وإنقاذِ إيمان أهل الإيمان بما ورثتْه من سرِّ النبوة، كما وَرِثَه الصحابةُ أصحابُ الولاية الكبرى رضي الله عنهم.