503

أنه ليس لهؤلاء الطلاب الثلاثة أو الأربعة نيةٌ في تنظيمٍ ولا ما شابهه، وإنما هي الأُخُوَّة الخالصة والتسانُد الأخرويُّ في الخدمة الإيمانية المحضة.

ثالثتُها: يقول أولئك المتجنُّون المتحاملون: «إن سعيدًا وإخوانَه هم على كل حالٍ معارضون لنا ولقوانين الحكومة التي تسمح لنا أن نمارس رغباتنا غيرَ المشروعة باسم المدنية والتحضُّر، وعلى هذا فهم بالضرورة تنظيمٌ سياسيٌّ معارض»؛ يقولون هذا الكلام في أذهانهم لما يعرفونه من أنفسهم من ضلالةٍ وتهافتٍ على الدنيا.

وأنا أقول: أيها الأشقياء المساكين.. لو كانت الدنيا أبديَّةً، وكان الإنسان مخلَّدًا فيها، وكانت وظائف الإنسان منحصرةً في السياسة وحدَها، لأمكن أن يكون لافتراءاتكم هذه معنى.

ثم إني لو دخلت الأمر من باب السياسة لما وجدتم عشرَ جُمَلٍ في مئةِ رسالة، بل لوجدتم آلاف الجُمَل السياسية المناهِضة.

ثم لو فرضنا جدلًا أننا مثلَكم نعمل بكل قوتنا لأجل الدنيا ومُتَعِها وسياستِها -وهو فرَضٌ لا يمكن حتى للشيطان أن يقبله أو يُقنِع به أحدًا- فإليكم إذًا سيرتَنا، فما دامت لم تقع منا حادثةٌ واحدةٌ طَوالَ عشرين سنة، وما دام لكلِّ حكومةٍ معارضون ألدَّاء، وكانت الحكومة تنظر إلى ما باليد وليس لها أن تنظر إلى القلب، فليس لكم أن تُحمِّلونا أيَّةَ مسؤولية؛ وآخر قولي أنْ ﴿حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة:129].

سعيد النُّورْسِيّ

***