502

هذه المحكمة، بل إلى أولئك المُتَجَنِّين المتحاملين فأقول لهم: إن أقسى عقوباتكم التي ستُنزِلونها بي لا أهميَّة لها عندي، بل لا تساوي الحِبر الذي كُتِبَتْ به؛ فأنا عند باب القبر قد بلغتُ السبعين، ويالها من سعادةٍ عظمى أن أنال مرتبة الشهادة بدلًا من حياةٍ بسيطةٍ مظلومةٍ مدَّتُها سنةٌ أو سنتان!!

وإنني على إيمانٍ قطعيٍّ مؤيَّدٍ بآلاف الحجج في رسائل النور أن الموت عندنا ليس سوى مذكِّرة تسريحٍ وإعفاء، فإن كان الحكمُ هو الإعدامَ، فإنه بالنسبة إلينا مشقَّةُ ساعةٍ هي مفتاحُ سعادةٍ ورحمةٍ أبديَّتَين.

أما أنتم أيها الظَّلَمَةُ الذين ضلَّلتُم العدالة لصالح الزندقة، وشَغَلتم الحكومة بنا بغير سبب، ألا فَلْتَعلموا يقينًا وَلْتَرتعدوا خوفًا أنكم محكومون بالإعدام الأبدي والسجن المؤبَّد الانفرادي!! إننا نرى كيف يُنتَقَمُ لنا منكم أضعافًا مضاعفةً لدرجة أننا نَرثي لحالكم.

أجل، إن حقيقة الموت التي أفرغَتْ هذه المدينةَ في المقابر مئات المرات لا بدَّ أنها تطلُب مطلبًا وراء هذه الحياة، وإن الحاجة إلى حلٍّ يُخلِّصُ من إعدام الموت هي حاجةٌ ضروريةٌ قطعيَّةٌ أعظمُ وأهمُّ وألزَمُ من جميع قضايا البشر؛ ولقد وجد تلاميذ النور هذا الحلَّ، وقدَّمتْه رسائل النور بآلاف الحُجج، أفلا يدري الذين يتَّهمون الرسائلَ وتلاميذَها بذرائع واهيةٍ أنهم هم المتَّهَمون بنظر الحقيقة والعدالة؟! إنه لأمرٌ يدريه حتى المجانين.

إن ثمة ثلاثَ موادَّ تُلَبِّس على هؤلاء المتجنِّين المتحاملين، وتُوهِمُهم بوجود تنظيمٍ سياسيٍّ مزعوم:

أولُها: العلاقة الوثيقة بيني وبين طلابي، وهي علاقةٌ ممتدةٌ منذ القديم كأنها أُخُوَّة، وقد حسِبوها تنظيمًا.

ثانيتُها: أن انتشار طلاب رسائل النور في كلِّ مكان، وسماحَ قوانين الجمهورية لهم دون تعرُّض، وتصرُّفَ بعضِهم كأنهم جماعةٌ إسلاميةٌ، دَفَعَ للظن بأنهم تنظيم، والحال