310

فإحدى هاتين التهمتَين: «الرجعيَّة»، ويقصدون بها عدم المَيل إلى إلحادهم ولادينيَّتهم؛ والأخرى: «اتخاذ الدين أداةً للسياسة»، وهم يريدون بهذه التهمة تشويه سُـمعتِنا، لأننا لم نقبل أنْ تكون اللادينيَّةُ سياسـةَ هـذه الحكومة المسلمة، حاشاهـا
من ذلك. [أي إن هؤلاء الملحدين يتوهمون أن الحكومة ما دامت لا تَتْبع سياسةً معيَّنة، فإن سياستَها إذًا هي الإلحاد -حاشا ثم حاشا-، فينظرون إلى خدمة الحقائق الإيمانيَّة التي أؤديها برسائل النور المترشِّحة من نصوص القرآن الحكيم القطعيَّة، فيعتبرونها عملًا سياسيًّا معارِضًا يتخذ الدين أداةً للسياسة، وهم بهذا يفتَرون أشنع افتراءٍ في الدنيا؛ سعيد]

نعم، لا بد لحكومة الجمهوريَّة أن تحترز من ترويج أفكار أولئك المفسدين المتخفِّين الضارَّة بالوطن والشعب، وألا تنحاز إليها بحال، بل إنَّ مَنْعَ هؤلاء هو من مقتضيات قوانين الجمهوريَّة، كما أن الانحياز إلى أمثالهم يُصادِم المبادئَ الأساسية للجمهوريَّة، فلتأخذ الحكومة موقف الحَكَم بيننا وبينهم، ولتُصدر حُكمَها على الظالم المعتدي منا، ولتُجرِ حُكمَها من موقع الحاكميَّة.

أجل، لا سبيل لإنكارِ أن التديُّن والإلحاد جاريان في الكون منذ عهد آدم، وأنهما ماضيان إلى يوم القيامة؛ وكلُّ مَن وقف على كُنْهِ قضيتنا يدرك أنَّ هذا الهجوم السَّافر علينا ليس إلا تَعَدِّيًا صارخًا من الإلحاد على التديُّن.

إن بروز أكثرِ الفلاسفة في أوروبا والغرب، وظهورَ أغلَب الأنبياء في آسيا والشرق، إنما هو إشارةٌ من القَدَر الأزليِّ ورمزٌ منه إلى أن الحاكمَ في آسيا والغالبَ فيها تيَّارُ الدِّين؛ ولا شكَّ أن حكومة الجمهوريَّة التي هي قائدُ آسيا المقدام، ستستفيدُ من خاصيَّة آسيا الفطريَّة، فتُراعي في مبادئها المحايدة جهةَ التديُّن لا الإلحاد.

المادة الثانية: قد يُطرَح موضوعٌ آخر يقول: «إن في أجزاء رسائل النور مسائل تعارِض الموادَّ القانونيَّة»، وهذا أمرٌ يعود للمحكمة، إلا أن الرسائل نفسَها مؤلَّفاتٌ