629

على أن القانون الإلهي الذي يدير عجلةَ المقادير -وهو القانون القَدَري الشامل الواسع- لا يُغيَّر لمجرَّدِ رغبتك.

استرشدي بالدستور القدسي «مَن آمَن بالقَدَر أمِنَ من الكَدَر» واتخذيه دليلَكِ، لا تَجري خلف ملذَّاتٍ آنيَّةٍ تافهةٍ كأطفالٍ سُذَّجٍ تحكمهم رغباتهم.
تفكَّري في أن اللذائذ الفانية تُخلِّف حَسَراتٍ وآلامًا معنوية، في حين أن المشاقَّ والآلامَ تُورِثُ لذائذَ معنويةً وثواباتٍ أُخروية؛ فإن لم تكوني حمقاء أمكنك أن تطلبي لذائذَ مؤقتةً لأجل الشكر لا غير، فإن اللذائذَ إنما أُعطِيَتِ لأجل الشكر.

سعيد النُّورْسِيّ

***

باسمه سبحانه

أخي العزيز المحترم..

قرأتُ رسالتكم بكمال الاهتمام، وهي رسالةٌ جامعةٌ مستفيضةٌ كُتِبتْ بعنايةٍ وتدقيقٍ كما لو أنها مبحثٌ مستقل؛ وأبيِّن لك ابتداءً أن أستاذَ رسائل النور، ومَن أظهر صلةً وثيقةً بها من خلال إشاراته الغيبية إليها، ومَن هو أستاذي الخصوصي في الحقائق الإيمانية، إنما هو الإمام عليٌّ رضي الله عنه وكرَّم وجهه.

كما أبيِّن لك أن محبة آل البيت أساسٌ في مسلكنا وفي رسائل النور بنصِّ الآية الكريمة: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى:23]، وأنه ما ينبغي لنزعة الغلوِّ أن توجد بأيَّة جهةٍ لدى طلاب النور الحقيقيين؛ لكنْ لما كان لأهل الضلالة والزندقة في هذا الزمان تياراتٌ قويةٌ تستفيد من الاختلاف، فتُشوِّش أهل الإيمان وتُفسِد الشعائر وتحارب القرآن والإيمان، كان لا بد لمواجهة هذا العدو المُحدِق من إغلاق باب الجدال في التفاصيل الجزئية التي هي مدار الاختلاف.