628

من خلال إيجابه الزكاة وتحريمه الربا ومساعدته طبقةَ العوام ودعوته البورجوازيين لأنْ يساعدوا العوام ويُقلِعوا عن الظلم.

إنني هذه المرة خرقتُ قاعدتي والتفتُّ إلى الدنيا لأجلكم لا غير.

سعيد النُّورْسِيّ

***

حين كانت نفسي تزعجني بِقِلَّةِ صبرها في هذا الزمان العصيب، أسْكَتَتْها الكلمات التالية ودفعتْها إلى الشكر، وقد بعثتُ إليكم نسخةً من هذه الكلمات المعلَّقة عند رأسي رجاءَ أن تفيدكم أنتم كذلك.

أيْ نفسُ.. لقد أخذتِ نصيبَك من المباهج والأذواق على مدى ثلاثٍ وسبعين سنة أكثرَ مما أخذه تسعون بالمئة من الناس، فما بقي لك حقٌّ فيها بعد هذا.

تطلبين بقاء المباهج والأذواق الآنيَّة الفانية، فإذا زايَلتْكِ [أي زالتْ عنكِ وفارقتْكِ؛ هـ ت] شرعتِ بالبكاء، فتتلقَّين صفعةً على هذا الخطأِ الذي ارتكبتِه بحِسِّياتٍ عمياء، وتبكين عشر ساعاتٍ مقابلَ ضَحِكٍ دام دقيقة.

إن المظالمَ التي انهالتْ عليكِ والمصائبَ التي حلَّتْ بك تُخفي وراءَها عدالة القَدَر، فالبشر يظلمونك على أمرٍ لم تفعليه، لكنَّ القَدَر يعاملكِ بناءً على خطاياكِ الخفيَّة، فيربِّيكِ بِيَدِ تلك المصيبة ويُكفِّر بها عن خطاياك.

ثم إن المئات من تجاربك يا نفسي الجَزِعة قد أورثتكِ قناعةً قطعيةً بأنَّ وراء المصائب الظاهرية ثمراتِ عنايةٍ إلهيةٍ في غاية اللذة، وإن آية: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:216]، تُعلِّمكِ درسَ حقيقةٍ قاطعة، فاذكريه على الدوام.