691

حتى إني حين كنتُ أجيب على أسئلة المدعي العام في دائرة التحقيق في اليوم الثاني، احتشد قرابةُ ألفٍ من الأهالي عند نوافذ المحكمة في باحة دار الحكومة، وقد بدت عليهم علائم الاهتمام، وكانوا في هيئةٍ كأنما يقولون بلسان حالهم: لا تضيِّقوا على هؤلاء؛ حتى إن الشرطة لم تستطع تفريقهم.

فأُخطِرَ على قلبي أن هؤلاء الأهالي يَنشُدون في هذا الزمان الخطير سُلوانًا تامًا، ونورًا لا ينطفئ، وإيمانًا قويًّا، وبشرى صادقةً بالسعادة الباقية.. نعم، يَنشُدون هذا ويبحثون عنه بفطرتهم، وقد بلغهم أن ما يطلبونه موجودٌ في رسائل النور، فأَولَوا شخصيَ الذي لا أهمية له اهتمامًا يفوق حدَّه كثيرًا، لأجل العمل المحدود الذي أدَّاه في خدمة الإيمان.

الحقيقة الثانية: أُخطِر على قلبي أنه في مقابلِ ما يقوم به عددٌ محدودٌ من الأفراد المضلَّلين من تشويه سمعتنا بدعوى أننا نُخِلُّ بالأمن، ومن معاملةٍ سيئةٍ مُتعجرِفةٍ بغرضِ كسرِ إقبال الناس نحونا، فإن ثمةَ استحسانًا وتقديرًا من قِبَل ما لا يُحدُّ من أهل الحقيقة ومن الأجيال القادمة.

أجل، فبإزاء الجهود الهائلة التي كانت تبذلها الفوضوية العاملةُ خلف ستار الشيوعية لإفساد الأمن العام، كانت رسائل النور وتلاميذُها يتصدَّون لهذا الإفساد الرهيب بقوة الإيمان التحقيقي، ويُوقِفونه ويكسرون شوكتَه في شتى أنحاء الوطن؛ فهم يعملون لتحقيق الأمن والاستقرار، حتى إنه طَوالَ العشرين سنةً الفائتة، لم تعثر عدةُ محاكمَ مَعنيَّةٍ على أيَّةِ واقعةِ إخلالٍ بالأمن من قِبَلِ طلاب النور، ولم تسجِّل أجهزة الشرطة في عشر ولاياتٍ أيَّ حادثةٍ من هذا القبيل، برغم أعدادهم الغفيرة وانتشارهم في شتى أنحاء البلاد.

ولقد صرَّح بعض مسؤولي الأمن المنصفين في ثلاث ولاياتٍ قائلين: إن طلاب النور رجالُ أمنٍ معنويُّون، وإنهم يساعدوننا في الحفاظ على الأمن والاستقرار، فهم بالإيمان التحقيقي يقيمون رادعًا في قلب كلِّ مَن يقرأ رسائل النور.. إنهم يعملون لتحقيق الأمن.