584

وأن مؤلَّفاته المنتشرةَ البالغةَ مئةً وثلاثين مؤلَّفًا قد قرأها بتمعنٍ مئةُ ألفٍ من الناس على مدى عشرين سنة، ومع هذا لم ترَ الحكومة منها ما يُخِلُّ بإدارة البلاد أو يضرُّ بالأمن والاستقرار والوطن والشعب.

وأن هذه المؤلفات قد وقعت بأيدي الجهات الأمنية والمفتشين في خمس ولايات، وأُحيلَت على أربعِ محاكم جنائيةٍ في أربع ولاياتٍ من بينها العاصمة، فلم تعثر فيها جميعُ هذه الجهات على أدنى جُرمٍ، مما اضطرها إلى رفع الحظر عنها، وإطلاق سراحه هو وطلابه.

فلو كان لهذا الرجل رغبةٌ في الدنيا أو ميلٌ إلى السياسة أفما كانت تَظهَر منه بوادرُ وأماراتٌ تدلُّ على ذلك؟! والحال أنهم لم يستطيعوا أن يعثروا في محاكمته على شيءٍ من هذا القبيل، مما دفع مدعيًا عامًّا معاندًا إلى استعمال تعبير إمكان الوقوع بدلًا من التعبير عن الوقوع ذاته، فكرَّر في لائحة ادعائه قولَه بحقي: «يمكن أن يفعل كذا»، ولم يقل: «قد فَعَل كذا»؛ وأين هذه من تلك؟! حتى إن سعيدًا قال له أثناء المحكمة: يمكن لكلِّ شخصٍ أن يَقتُل، إذًا ينبغي بناءً على ادعائك هذا أن يُحال كلُّ شخصٍ -حتى أنت- إلى المحكمة!!

والحاصل: إما أن هذا الرجل [يقصد الأستاذُ نفسَه؛ هـ ت] مجنونٌ جنونًا مُطْبِقًا لدرجة أنه لا يكترث لشيءٍ من أوضاع العالَم المروِّعة، وإما أنه لا يتنزَّل لشيءٍ ولا يولي أهميةً لشيءٍ كَيما يعمل بإخلاصٍ لتحقيقِ أعظم سعادةٍ لهذا الوطن وأبنائه؛ وما دام الأمر كذلك فإن مضايقته والتشديد عليه ليس إلا خيانةً للوطن والشعب والأمن والاستقرار، وليست هذه الهواجس والمخاوف تجاهه سوى جنون.

***