644

إنني في الحقيقة لا أستطيع التأقلم مع الأجواء المادية والمعنوية هنا.. همومي كثيرةٌ جدًّا، وأنا أُقفِل مقرَّ إقامتي من الداخل ومن الخارج.. إنني وحيدٌ بكلِّ جهة.. ومن جهةٍ أخرى أقضي حياتي مريضًا أعيش في غرفةٍ كئيبةٍ من غير جيران.. وفي بعض الأحيان يضايقني يومٌ واحدٌ هنا أكثر مما ضايقَني شهرٌ كاملٌ في سجن «دَنِزْلي».. كفى تعرُّضًا لحريتي طَوالَ عشرين سنةً من الظلم الشنيع.. فلقد تبين بشكلٍ قاطعٍ -بعد سنتين من تدقيق المحاكم، وفَشَلِ الخطط التي حاكها المنافقون ضدي- أن خدعة التخويف مني ومن رسائل النور بذريعة الإضرار بالوطن والشعب لا يمكن أن تنطلي على أحد.

إنني إنْ حصلتُ على حريتي كسائر الناس، أو كان ثمة بلاغٌ يسمح بذهابي إلى بعض القرى المجاورة ذات المناخ المعتدل لتبديل الأجواء، لكان ذلك مناسبًا.

سلامي ودعواتي لكم ولمن حولكم من أصحابنا في النور.

الباقي هو الباقي

سعيد النُّورْسِيّ

***

باسمه سبحانه

إخواني الأعزاء الأوفياء.. هذا جوابٌ وَرَدَ على الخاطر بمناسبة سؤالٍ ماديٍّ ومعنوي.

يقال: لماذا لا تقبل ما يوليك إياه تلاميذ النور -بحسنِ ظنهم القوي، وقناعتهم القطعية- من مقامٍ وكمالاتٍ تزيد من همتهم للأنوار، ولماذا تُحيل ذلك المقام والكمالات لرسائل النور وحدَها، وتُظهِر نفسَك خادمًا كثير العيوب؟