645

الجواب: لله الحمد والشكر بلا حدٍّ أنَّ لرسائل النور من نقاط الاستناد القوية الراسخة، ومن الحجج القاطعة الساطعة، ما لا تحتاج معه إلى المزايا والاستعدادات المظنونة في شخصي؛ فهي ليست كالمؤلفات الأخرى التي تعتمد على قابلية المؤلف فتستمدُّ منه قوتها ومقبوليتها.

وها هي بين أيديكم، تقوم منذ عشرين سنة على حججها القاطعة، وتُجبِر أعدائي الماديين والمعنويين على الاستسلام؛ فلو كانت شخصيتي نقطةَ استنادٍ مهمةً لها، لأمكن لأعدائي الملحِدين ومعارضيَّ الظالمين أن يوجِّهوا ضربةً قويةً للنور من خلال القدح في شخصي ذي النواقص والعيوب؛ والحال أن هؤلاء الأعداء، ورغم كل المساعي الحثيثة التي بذلوها -لحماقتهم- للقدح فيَّ وللحيلولة دون إقبال الناس عليَّ، مستعينين لذلك بشتى أنواع المكائد، لم يستطيعوا الإضرار بفتوحات الأنوار ولا الحط من قيمتها؛ بل حتى وإن أمكنهم التعكير على بعض الضعفاء والطلاب الجدد، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يحملوهم على التخلي عن الرسائل.

فلأجل هذه الحقيقة، ولأن الأنانية قد طغتْ في هذا الزمان، لا أقبل لنفسي حسن ظنهم الذي يفوق حدي كثيرًا، ولا أُحسِن الظن بنفسي كما فعل إخواني.

ثم إنْ كان المقام الأخروي الذي أولَوه لأخيهم المسكين هذا مقامًا دينيًّا حقيقيًّا، فإنه يمكن أن يكون مدخلًا للأنانية، إذْ يَعُدُّ المرءُ نفسَه صاحبَ مقام، وفضلًا عن هذا فإن القاعدة الواردة في آخر «المكتوب الثاني» من «المكتوبات» تفيد أن الكمالات التي هي هديةٌ معنويةٌ أولَوها لشخصي، إنْ كنتُ أعدُّ نفسي صاحبةَ كمالات -حاشا لله- فهو دليلٌ على أنها ليست كذلك، وإن كنت لا أعدُّها صاحبةَ كمالات فينبغي عدم قبول هديتهم هذه.

بقي أمرٌ آخر، وهو أنه قد يقال من جهةٍ دنيويةٍ: إن الشخص الذي يقوم بوظيفةِ نشر الحقائق الإيمانية، إنْ كان صاحبَ مقامٍ كان له تأثيرٌ أفضل؛ وهنا يوجد مانعان أيضًا: