662

واحدًا بالمئة من الناس إلا لأمرٍ ضروري، وتَرَك التأليف الذي استمر عشرين سنة فلم يعد يؤلف، [كان هذا الكلام في أواخر الأربعينات من القرن الميلادي الماضي، بعد أن ألف الأستاذ معظم كليات رسائل النور: الكلمات، المكتوبات، اللمعات، الشعاعات؛ هـ ت] ثم برغم هذا كلِّه يداهمه المفتشون لأغراضٍ سياسيةٍ دنيوية، ويكسرون قفل بابه، فلا يجدون عنده شيئًا سوى أورادٍ بالعربية، ولوحتَين إيمانيتَين معلَّقتَين عند رأسه، فما أقبح هذا من إيذاءٍ يخالف القانون!! يدري هذا مَن له ذرَّةُ عقل.

ثالثُها: أرأيتم رجلًا ظلَّ سبع سنين لا يعلم شيئًا عن الحرب العالمية الثانية، ولا يهتم بها ولا يسأل عنها كما صدَّقه على هذا سبعون شاهدًا لدى المحكمة، وقد مضى له على هذه الحال عشر سنين، ولم يقرأ صحيفةً ولا استمع إلى أحدٍ يقرؤها منذ خمسٍ وعشرين سنة، وقال قولتَه قبل ثلاثين سنةً: أعوذ بالله من الشيطان والسياسة، وفَرَّ من السياسة بكل ما أوتي من قوة، ولم يراجع الحكومة ولو مرةً ليرتاح من الأذى وتشديد الخناق الذي يقاسيه منذ اثنتين وعشرين سنة، لكيلا يتدخل في السياسة أو يلفت إليه أنظار أهلها.. أمِنَ القانون في شيءٍ أن يُداهَم منزلُه ومُختلاه وكأنه سياسيٌّ خطيرٌ يحيك المؤامرات، وأن يُساء إليه برغم مرضه؟! إن هذه لَحالٌ يَرثي لها من له ذرَّةُ ضمير.

رابعُها: بعد ستة أشهرٍ من التدقيق في محكمة «أسكي شَهِر»، والذي سببُه مخاوفُ من وجود تنظيمٍ سياسيٍّ أو طريقةٍ صوفيةٍ أو تذرُّعٌ بهما، وبالرغم من أن رئيسًا كبيرًا حرَّضَ على هذا الرجلِ بعضَ جهات القضاء مدفوعًا بحقدٍ شخصيٍّ تجاهه، فقد أصدرت هيئة المحكمة قرار البراءة من تهمة التنظيم السياسي والطريقة الصوفية، كما أصدرتْ قرار البراءة بحق رسائل النور، غير أنها تذرَّعتْ بجزءٍ صغيرٍ من رسائل النور هو «رسالة الحجاب»، فقضت بالسجن مدة ستة أشهرٍ على خمسة عشر تلميذًا من أصل مئةٍ وعشرين، وذلك بناءً على اعتباراتٍ شخصيةٍ مزاجيةٍ غيرِ قانونية، فظلوا موقوفين أربعةَ أشهرٍ -مدةَ التدقيق- وسُجِنوا شهرًا ونصفًا.