638

ثالثًا: لا شكَّ أن لكم معارضين داخليين وخارجيين على أصعدةٍ شتى، فلو عارضوكم باسم الحقائق الإيمانية لهزموكم من فورهم، لأن تسعين بالمئة من أبناء هذا الشعب مرتبطون قلبًا وروحًا بالأعراف والقيم الإسلامية القائمة منذ ألف سنة، وهُم وإنْ خضعوا لما يخالف فطرتهم وانقادوا له ظاهرًا من جهةِ إطاعة الأمر، إلا أنهم لا يرتبطون به قلبًا.

ثم إن المسلم ليس كغيره من أبناء الأمم الأخرى، فهو إنْ تَرَكَ دينه أصبح فوضويًّا ولم يتقيَّد بقيد، فلا يُدار حينئذٍ بتربيةٍ ولا بتدبيرٍ سوى الاستبداد المطلق والرشوة المطلقة.. وهذه حقيقةٌ تؤيدها حججٌ كثيرةٌ وأمثلةٌ كثيرة، لكنني أختصر وأحيل الأمر على فطنتكم.

ينبغي ألَّا تتخلفوا عن السويد والنرويج وفنلندا التي شعرت بحاجتها الشديدة للقرآن، بل إن وظيفتكم هي أن تكونوا مرشدين لها ولأمثالها؛ ولو أنكم عَمَدتم إلى المساوئ الحالية الناجمة عن الثورة فردَدْتُموها إلى بضعةِ أشخاص، وعَمَدتم إلى الإفساد والتخريب الذي حصل بفعل ظروف الحرب العالمية وسائر الثورات الأخرى -خصوصًا ما يتعلق بالأعراف والقيم الدينية- فعملتم على إصلاحه، لنلتم شرفًا عظيمًا في المستقبل، ولكفَّرتم عن سيئاتكم في الآخرة، ولكنتم خليقين بوصف الوطنيين الغيارى بما قدمتم من خدمةٍ نافعةٍ للوطن والشعب.

رابعًا: ما دام الموت لا يُقتَل، وباب القبر لا يُغلَق، وما دمتم ماضين إلى القبر كسائر الناس، وما دام هذا الموت الحتمي إعدامًا أبديًّا لأهل الضلالة، فلا يمكن لمئةِ ألفِ نشاطٍ حزبيٍّ أو سياسيٍّ أو دنيويٍّ أن يبدِّله.

ثم إن رسائل النور بين أيديكم، وهي التي أثبتت إثباتًا جليًّا كالشمس أن القرآن يحوِّل هذا الإعدام الأبدي إلى بطاقةِ تسريحٍ لأهل الإيمان؛ وهي التي لم يستطع أن يواجهها أيُّ فيلسوفٍ أو ملحدٍ منذ عشرين سنة، لا، بل هي التي تدفع الفلاسفة الذين قرأوها بتمعنٍ إلى الإيمان؛ وهي التي نَظرتْ فيها أربعُ محاكم كبرى لديكم على