640

باسمه سبحانه

أخي العزيز الوفيّ، وصديقي صاحبَ الهمة الجادَّ في هذه الدنيا الفانية..

أولًا: إنني شديد الامتنان لأصحابي وأبناء بلدي، لا سيما لك ولبعض الأفاضل من «أرضروم»، لاهتمامكم وإشفاقكم على ما أعانيه من ظلمٍ وأذى، ولمسارعتكم لإعانتي فكرًا، وهذا أمرٌ لا أنساه ما حَيِيْت، ولا أملك سوى أن أردِّد: ما شاء الله.. بارك الله بكم.

ثانيًا: أبين لكم بضع نقاطٍ تتعلق بحالتي وبإيذاءات الظَّلَمةِ تجاهي، ومع أن هذا مخالفٌ تمامًا لمسلكي ولدرسي الذي تلقيتُه من رسائل النور، ومُنافٍ لدستور حياتي الذي اتخذته منذ عشر سنين، ألا وهو عدم الالتفات إلى ما في هذه الدنيا الفانية من أحداثٍ عابرةٍ تافهة، إلا أنني لم أفعل هذا إلا مراعاةً لخاطرك واهتمامك ولرسالتك المطوَّلة التي أرسلتَها مؤخرًا.

أولها: أنني حين كنت عضوًا بدار الحكمة قبل ثلاثين سنة، قال لي يومًا أحد أصحابي وقد كان هو الآخر عضوًا فيها، وهو السيد «سعد الدين باشا»: كن على حذر.. لقد أخبرني رجلٌ ثقةٌ أن منظمةً أجنبيةَ الجذور تنشر الزندقة في بلادنا قد اطلعتْ على أحد مؤلفاتك، فقرر أعضاؤها تصفيتك قائلين: لن نستطيع أن نَحمل هذا الشعبَ على قبول مسلكنا -يعني الزندقة والإلحاد- ما دام مؤلِّف هذا الكتاب حيًّا.. ينبغي أن نقضي عليه.

فأجبتُه: توكلتُ على الله، الأجل واحدٌ لا يتغير.

وقد توسَّعتْ هذه المنظمة منذ ثلاثين بل أربعين سنة، وما تركتْ مكيدةً إلا استعملتْها في محاربتي، وسَعَتْ للقضاء عليَّ بسَجني مرتين، وتسميمي إحدى عشرة مرة، وكان آخر مخططاتها الرهيبة توظيفَها النفوذَ الحكومي الرسمي ضدي، وذلك