642

أحدهما: أنهم لعلمهم أنني لا أقبل الإهانة منذ سالف عهدي، عمِلوا على استفزازي ليثيروا قضيةً يمهِّدون بها الطريق للقضاء عليَّ، فلما لم يُثمر مسعاهم هذا شيئًا لجؤوا إلى التسميم، إلا أن العناية الإلهية ودعواتِ تلاميذ النور كانت ترياقًا، وكان صبري وتحملي دواءً، فأزالت خطر ذلك السمِّ الماديِّ والمعنويِّ، وباءت خطتهم بالفشل.

وعلى الرغم من أن هذا النوع من الظلم والإيذاء الذي لم يسبق في التاريخ أن مُورِس باسم الحكومة وباسم القانون، إلا أن الأمر الذي كان يثير حفيظتي هو الرقابة الدائمة وتخويف الناس مني بشكلٍ يستفزني، لكنْ أُخطِر على قلبي أنه ينبغي لك أن ترثيَ لهؤلاء الظلمة لا أن تنزعج منهم؛ فكلُّ واحدٍ منهم سيلقى عما قريبٍ جهنم ماديةً ومعنويةً، وسيتجرَّع عذابًا خالدًا يفوق عذابَك المؤقت الذي يُذيقونك إياه بألف درجة، وسيُنْتَقَم لك منهم ألفَ مرة، وسيقاسي بعضهم -إن كان له عقل- تأنيبَ الضمير، وعذابَ الخوف من الإعدام الأبدي، وسيعاني من ذلك طَوالَ بقائه في الدنيا إلى أن يلقى حتفه؛ فلم أعد أغضب منهم، بل رثيتُ لهم وقلت: أصلحهم الله.

ثم إنني أشكر الله سبحانه لا على نَيل الأجر الجزيل المترتب على هذا الإيذاء فحسب، بل أشكره كذلك على انشغالهم بي وإيذائهم إياي وحدي دون سائر تلاميذ النور، مما يحقق عظيم الفائدة لطلاب النور ويخدم سلامتهم، كما أشعر بفرحٍ في طيِّ هذه المضايقات الشديدة التي ألاقيها.

رابعها: ذكرتَ في رسالتك مسألة استقراري وراحتي، وإمكانية مراجعة الحكومة الحالية لأنتقل إلى الشام أو الحجاز إن استطعتُ، فأولًا: إنني حتى لو كنت في مكة لَلَزِمني المجيء إلى هنا لإنقاذ الإيمان وخدمة القرآن، لأن الحاجة هنا أشدُّ؛ وحتى لو كانت لي آلاف الأرواح، وكنتُ مبتلًى بآلاف الأمراض، وكنت أعاني من المصاعب ما أعاني، فإن