614

لأن أولئك العشرة يرون تلك الحقائق أسمى من كلِّ شيء فيَثبُتون، وعندئذٍ يمكن لقلوبهم التي هي بمثابة بُذورٍ أن تنمو وتترعرع فتغدو أشجارًا، أما هؤلاء الآلاف فإنهم بسبب نظرهم إلى درس ذلك القطب على أنه آتٍ من مقامه الخاص ومن مكانته الخاصة، وبسبب الشبهات والوساوس الآتية من الدنيا والفلسفة، يمكن أن يُهزَموا ويُفرَّقوا.

فلأجل هذا أُفضِّل خدمة الحقائق على المقامات، حتى إنني أشعر الآن بالقلق من أن تَحُلَّ مصيبةٌ بذلك الرجل الذي أساء إليَّ يوم العيد بغير وجهِ حقٍّ ووفق خطةٍ مدبَّرةٍ من أعدائي، لأن المسألة أخذتْ أبعادًا لدى عامة الناس بحيث يمكن أن يُولُوني مقامًا ويعدُّوها كرامةً عجيبةً لي، فدعوت ربي قائلًا: اللهم أصلح شأن هذا الرجل، أو جازِه بما يستحقُّه دون أن يبدو الجزاء على أنه كرامةٌ لي.

وسأبيِّن أمرًا بهذه المناسبة، وهو أنني رأيتُ مؤخَّرًا بين الرسائل التي سُلِّمتْ لي من قِبَل المحكمة رسالةً من طلاب النور عليها تواقيع كثيرة، ولعلَّها أُدرِجتْ في «الملاحق»، وهي رسالةٌ تتحدث عن البركة التي يجدها تلاميذ رسائل النور في معيشتهم، وتتحدث عن الصفعات التي نزلت ببعضهم، ولا ريب أن ها هنا خمسةً تلقَّوا صفعاتٍ مثلما تلقاها بعضٌ آخر في «قسطمونو».

سعيد النُّورْسِيّ

***