721

ثم جاؤوا بلائحة اتهامٍ صاغها المدعي بطريقةٍ تشبه جمع الماء من ألف وادٍ، وملأها بالحقد والافتراء والمعاني المغلوطة والتُّهم الكاذبة، وقد أحصيتُ في خمسَ عشرة صحيفةً منها فحسب أكثرَ من ثمانين خطأً، فأجبرونا على الاستماع إليها، ومنعوني من الحديث؛ ولو أنهم سمحوا لي به لقلت لهم:

ما دمتم -تحت ذريعةِ حرية الفكر والضمير- لا تتعرضون لمن ينكرون دينكم، ويهينون أجدادكم ويتهمونهم بالضلال، ويرفضون نبيَّكم وقوانينَ قرآنكم ولا يقبلونها، أعني اليهود والنصارى والمجوس، وأعني بدرجةٍ أخص المنافقين والمرتدين والفوضويين الذين يعملون اليوم خلف ستار البلشفية.. [لم تدافعوا يا أستاذي المبجَّل عن حقوق عشرين مليونًا من أبناء هذا الوطن فحسب، بل دافعتم عن الحقوق المادية والمعنوية لثلاثمئةٍ وخمسين مليونًا من أبناء العالَم الإسلامي، دفاعًا خالصًا لوجه الله، مُكلَّلًا بأنوار القرآن؛ والدليل على خلوصه لوجه الله: توفيقُه تعالى لك في خدمة القرآن.

      وكما نجا موسى عليه السلام من بطش فرعون وخلَّفه غريقًا في اليم، وكما صرعَ رسولُنا الأكرم (ص) أئمةَ الكفر فصاروا وَقودًا لجهنم، فإن رسائل النور عبر «رسالة المناجاة» في «أسكي شَهِر»، و«رسالة الثمرة» وحجتِها في «دَنِزْلي»، وهذه العريضة في «أفيون»، قد ألقت الكفر المطلق وأرواح الأشقياء من أرباب الزندقة في الجحيم، وانتشرت في أصقاع الأرض ممزقةً مبادئَ الزنادقة وأنظمتهم، ولله الحمد.. علي أصغر]

وما دامت حكومةُ الإنكليز المتجبرةُ المتعصبةُ للمسيحية لا تتعرض لملايين المسلمين الموجودين في دائرة ملكها وتحت حاكميتها، ولا تحاكمهم، مع أنهم يردُّون -بدروس القرآن المستمرة في كل حين- عقائدَ الإنكليز الباطلة ودساتيرهم الكفرية..

وما دامت الحكومات لا تتعرض لما يقوم به معارضوها من نشرِ أفكارهم علنًا..

وما دامت مجرياتُ أربعين سنةً من حياتي، ومئةٌ وثلاثون كتابًا من كتبي، وأخصُّ رسائلي ومراسلاتي، قد دقَّقتْها حكومة ولاية «إسبارطة»، ومحكمة «دَنِزْلي»، ومحكمة جنايات أنقرة، ورئاسة الشؤون الدينية، ودققتْها كذلك محكمة التمييز مرتين أو ثلاثًا، وبقيتْ رسائل النور بحوزتهم سنتين أو ثلاثًا وفيها الرسائل الخصوصية وغير الخصوصية، فلم يُبرِزوا ولو مادةً صغيرةً واحدةً تستوجب العقوبة..