680

وعلى الرغم من أن التحقيقات المطوَّلة المفصَّلة التي أجريَت معهم لم تُفلِح في العثور على دليلٍ واحدٍ لأيِّ جرم، إلا أنه بعد أن حصل ما حصل، حكمت المحكمة -بناءً على ما يبدو قناعاتٍ شخصيةً- بالسَّجن عشرين شهرًا لبديع الزمان، وثمانيةَ عشر شهرًا لعالِمٍ جليلٍ، وستةَ أشهرٍ لاثنين وعشرين شخصًا؛ وقد أُدين هؤلاء بتهمة «مساعدة بديع الزمان في إنشاء تنظيمٍ سِرِّيّ»، ونُفِّذ الحكم فورَ صدوره؛ أما الآخرون فصدرت بحقهم براءةٌ لكونهم «يَعدُّون بديعَ الزمان مرشدًا جليلًا»، ولأنهم «قرؤوا رسائلَ النور ليملؤوا الفراغ العميق الذي يشعرون به». [المقصود أن هذين الاعتبارَين المذكورَين جعلا المتهَمين أشبهَ بالمغرَّر بهم، مما دعا لتبرئتهم؛ هـ ت]

وبعد أن نظرت محكمة التمييز في قرار الإدانة كما هي العادة، أنهت تدقيقاتها في مدةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ، وأبطلت القرار من أساسه قائلةً: بما أن بديع الزمان سعيدًا النُّورْسِيَّ قد بُرِّئ من نفس التهمة في محكمة «دَنِزْلي»، وصدَّقت على ذلك محكمة التمييز في حينها، فإنه لا سبيل لإعادة محاكمته في دعوى صدَّقَتْها محكمة التمييز حتى وإن كان قرار محكمة «دَنِزْلي» خطأً.

وبناءً على هذا تبدأ جلسات المحكمة من جديد، ويُسأل المتَّهَمون عن مطالبهم، فيجيب طلاب النور الأبرياء بأنهم يطالِبون بالالتزام بقرار محكمة التمييز، وتَدرس محكمة «أفيون» مسألةَ الالتزام هذه وتماطل فيها إلى أن تتخذ قرارها بامتثاله؛ لتبدأ بعد ذلك عمليةُ استكمال النواقص التي تَطول وتمتد، وتُعلَّق الجَلسات مرةً بعد أخرى، ويقضي بديعُ الزمان وطلابُه في السجن مدةَ العقوبة التي لم تكتسب صفة الحكم القطعي أصلًا، ليُطلَق سراحُهم بعد ذلك، ولتستغرق إجراءاتُ المماطلة هذه بمجموعها ثلاث سنين. [بعد ذلك أصدرت محكمة «أفيون» قرار البراءة مرتين، وفي نهاية المطاف أعادت لبديع الزمان جميع رسائل النور وجميع مراسلاته بلا استثناء، وذلك في العام 1956م؛ المُعِدُّون]