591

وما دامت هذه هي الحقيقة، فإن أُولى مهامِّ الجهات القضائية هي أن تحمي رسائل النور وتلاميذَها، لا أن تتهمَني أو تتهمهم، ذلك أنهم يصونون أهمَّ حقٍّ من حقوق هذا الوطن والشعب، ولهذا السبب يواجههم الأعداء الحقيقيون للوطن والشعب، فيهاجمون رسائل النور، ويُضلِّلون الجهات القضائية، ويدفعونها لارتكاب جورٍ شنيعٍ وظلمٍ فادح؛ وأذكر على هذا مثالَين يسيرَين:

المثال الأول: أنني بعثتُ إلى أحد إخواني ممن كانوا معي في السجن رسالةً تتضمن تفقدًا للأحوال، وأرفقتُ بها عشر ليراتٍ هي كلفة طبع إحدى مؤلفاتي العربية، كي تُدفَع للشخص الذي تكفل بمصاريف طباعتها بـ«إسبارطة»؛ بعثتُ الرسالة والمال بواسطة أحد الإخوة المقيمين هنا، فسارعتْ كلٌّ من الجهات القضائية والحكومية بالتضييق عليَّ من جهة، وبتفتيش منزل هذا الشخص الذي كان مجرد واسطةٍ من جهةٍ أخرى!!

ولا ريب أن تضخيمَ أمرِ رسالةٍ عاديةٍ لا أهميةَ لها، والتهويلَ من شأن مراسلةٍ يتيمةٍ خلال ستة أشهرٍ هو أمرٌ لا يليق بمكانة القضاء وشرفه.

المثال الثاني: إن تخويفَ كلِّ شخصٍ مني أنا الضيفَ الغريبَ الضعيفَ الطاعنَ في السن الذي ثبتت براءتُه، بل تخويفَ حتى من يقومون على خدمتي، وترهيبَ الناس مني عبر الحملات الرسمية المُغرِضة، والتضييق عليَّ وجعلي في حالٍ يُرثى لها، إنما هو أمرٌ ينافي الحسَّ الوطنيَّ الذي تتمتع به حكومة هذه الولاية.

وإن التهويلَ من شأنِ ضررٍ تافهٍ بل موهومٍ، والمبالغةَ في تضخيمه، وتجييشَ حملاتٍ رسميةٍ مغرِضةٍ ضدي، وإثارةَ قلقِ كلِّ شخصٍ بسؤاله عني: بمن يلتقي هذا؟ ومن يزورُه؟ لَأمرٌ عجيبٌ ما ينبغي لحكمةِ الحكومة وحاكميتها أن تتدنى إلى مثله.

وعلى أية حال فإن ثمة الكثير من هذه الأمثلة التي يَعجَب منها مَن يَطَّلع عليها.

أيها السادة.. إن الضلالات والشرور إن كانت ناجمةً عن الجهل فدفعُها يسير، أما إن كانت ناشئةً عن العلم أو عن المعارف الحديثة فإن إزالتها أمرٌ جِدُّ عسير؛ ولما كانت الضلالة في هذا الزمان من النوع الأخير، كان لا بدَّ من مؤلَّفٍ وافٍ من كلِّ جهةٍ كرسائل النور، لإزالة هذه الضلالة، وإنقاذ مَن يقع فيها من أبناء الجيل القادم، والصمودِ في وجهها.