710

منها من قوةٍ إيمانيةٍ فائقةٍ، مع أنه ليس سوى ترجمانها ومُبلِّغها الذي لا يملك من الأمر شيئًا، وأَولَوه من حسن ظنهم ما يفوق حدَّه بألف درجةٍ، فمنحوه مقامًا رفيعًا من قبيل ما اعتاده الناس، كقولهم لمن يحبون: «يا سيدي، ويا وليَّ نعمتي»، من غير أن يتبادر من هذا أيُّ معنًى سياسي، ومدحوه وأثنَوا عليه ببالغ المدح والثناء على سبيل الشكر بين الأساتذة والطلاب كما جرت العادة من قديم الزمان من غير اعتراضٍ ولا نكيرٍ، وكتبوا تقريظاتٍ تفيض مدحًا وإطراءً ذَيَّلوا بها كتبَه كما هي العادة الجارية منذ القديم في الكتب التي لقيت القبول؟!

ومع أنه رجلٌ يعيش وحيدًا غريبًا، وله الكثير من الأعداء، والكثير من الأسباب التي تصرف الناس عن مساعدته، إلا أنه لكي يعزز القوة المعنوية لدى إخوانه الذين يعاونونه في مواجهة معارضين أَلِدَّاء كُثْر، ولكيلا يَنفضَّوا من حوله، ولكيلا يُفتِّر همةَ من بالغوا في مدحه، لم يردَّ المدحَ والثناء من أصله، وإنما أحال بعضَه على الأنوار لا غير.

لكن بالرغم من هذا كله يَعمِد بعض المسؤولين الرسميين إلى ما يقوم به هذا الرجل الهرِم على باب القبر من خدمةٍ إيمانيةٍ، فيعملون على تحويلها إلى وجهةٍ دنيوية، فما أبعدهم عن الحق والقانون والإنصاف؟!

آخر قولي: إني أعددتُ لكلِّ مصيبةٍ: إنا لله وإنا إليه راجعون.

***

وأبيِّن لمحكمة «أفيون» ولرئيس محكمة الجنايات، أنني قطعتُ علاقتي بالدنيا منذ زمنٍ بعيد، لأني لا أستطيع بفطرتي تحمُّلَ التحكُّمات من أحد، وأنَّ حياتي اليوم في ظلِّ كلِّ هذه التحكُّمات التي لا معنى لها ولا لزوم قد باتت شديدة الوطأة، فلا قدرة بي