715

إنني شخصيًّا قد سئمتُ العيشَ بسبب هذه المعاملة الجائرة التي تثير حفيظتي، وبسبب ما لقيتُ في غربتي وآخر عمري من أذًى وتجريحٍ وتشويه سمعةٍ لم أرَ مثله في حياتي؛ وكرهتُ أيضًا إطلاقَ السراح مع الإبقاء تحت التحكم.

ولقد سبق أن كتبتُ إليكم عريضةً لم أطالِب فيها ببراءتي كسائر الناس، بل طالبتُ فيها بسَجني، وطلبتُ منكم إنزال أشدِّ العقوبة لا أخفِّها، لأنه لا سبيل للخلاص من هذه المعاملة العجيبة التي لا مثيل لها إلا بأحد أمرين: القبر أو السجن، فأما القبر فلا يتأتى لي الآن، لأن الانتحارَ حرامٌ والأجلَ مُغيَّبٌ، فلهذا رضيتُ بالسجن الذي أنا رهينُ زنزانته المنفردة منذ ستة أشهرٍ؛ غير أني لم أتقدم إليكم بهذه العريضة مراعاةً لخواطر إخواني الأبرياء.

رابعًا: إنني أدعي دعوَى يُصدِّقها جميعُ ما كتبتُ في رسائل النور طَوالَ هذه الثلاثين سنةً من حياتي فيما سُمِّي «سعيدًا الجديد»، ويُصدِّقها أيضًا جميعُ ما وَرَدَ في هذه الرسائل من حقائق تتصل بشخصي، ويَشهَد لها الأشخاص والأصحاب المنصفون الذين تربطهم بـ«سعيدٍ الجديد» صلةٌ وثيقة..

وهي أنني اجتهدتُ قدر المستطاع في منع نفسي الأمَّارة من المراءاة والتفاخر وحبِّ الشهرة؛ وأنني كثيرًا ما كسرتُ خواطرَ طلاب النور الذين أَولَوني حُسنَ ظنٍّ زائدٍ وجرحتُ مشاعرهم، وأعلنت لهم أنني لست سوى دلَّالٍ بسيطٍ في محلِّ مجوهرات القرآن لا أملكُ منه شيئًا؛ وأنني -بتصديق إخواني المقربين والأمارات التي شاهدوها- قررتُ أن أضحي في سبيل خدمتي الإيمانية لا بنَيلِ الجاه والشهرة والمقامات الدنيوية فحسب، بل حتى بالمقامات المعنوية الجليلة إن أُعطِيتُها، مخافةَ أن يشوبَ الإخلاصَ في خدمتي الإيمانية شائبةٌ من حظِّ نفسي، وتصرَّفتُ فعلًا بناءً على هذا الأساس؛ لكنكم برغم هذا كلِّه عَمَدتم في محكمتكم الموقرةِ هذه إلى ما أولانيه بعضُ إخواني من احترامٍ شديدٍ يفوق احترامهم لآباءهم، وقابلوني به كشكرٍ معنويٍّ منهم على ما استفادوا من