بعض الرسائل التي كتبها بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ إلى طلابه

حين كان رهين السجن الانفرادي بـ«أفيون»

[كتب الأستاذ النُّورْسِيّ هذه الرسائل إلى طلابه المسجونين معه، إذْ لم تُتَح له فرصة اللقاء بهم، فقد كان في زنزانةٍ انفرادية، وكانوا في زنازين أخرى؛ هـ ت]

باسمه سبحانه

إخواني الأعزاء الأوفياء..

أكتب إليكم مهنِّئًا لا معزِّيًا؛ إذْ ما دام القدر الإلهي قد ساقنا إلى هذه المدرسة اليوسفية الثالثة لحكمةٍ، وقدَّر لنا في هذا المكان رزقًا يدعونا لنأخذه..

وما دامت العناية الإلهية قد جعلتنا مَظهرًا لقوله سبحانه: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:216] كما هو ثابتٌ بالتجارب القطعية حتى اليوم..

وما دام إخواننا الجدد في هذه المدرسة اليوسفية أحوجَ الناسِ إلى السُّلوان الذي تنطوي عليه الأنوار..

وما دام رجال القضاء أحوجَ المسؤولين إلى قواعد النور وسائر قوانينه القدسية..

وما دامت نُسخ النور الكثيرةُ تؤدِّي وظيفتَكم خارج السجن، وتتوالى فتوحاتها دون توقف..

وما دامت كلُّ ساعةٍ من ساعات الزمن الفاني هنا تصبح بمثابةِ ساعاتٍ باقيةٍ عامرةٍ بالعبادة..

فلا ريب أنه يلزمنا أن نقابل هذه المصيبة بكمال الصبر والثبات، شاكرين مسرورين لما فيها من المعاني المذكورة.