806

إلى جادة الحق والصواب، لم يلقَ من المسؤولين في هذا البلد سوى الظلم والأذى؛ لكنه برغم هذا لم يسأم ولم يَحِد عن طريقه، بل كان أدرى الناس بأن أيَّةَ قضيةٍ لن تضرب بجذورها عميقًا ما لم تُتعهَّد بالكفاح والمِحَن والتضحيات.

ألا إنه مهما اجتهدت المحاولات والمساعي فلن تفلح في إطفاء نور الشمس هذا، فقد بثَّه مشاعلَ لا تنطفئ، بل تضيء القلوب والعقول، وتلكم هي ثمرة دعوته وجهاده.. فَيَا هَناءَه!!

جواد رفعت أتيلخان

***

بديع الزمان سعيد نور

(2)

إنه عَلَمٌ على عبقريٍّ فذٍّ ومرشدٍ جليلٍ وإنسانٍ بمعنى الكلمة، أنبتته أرض تركيا الطيبة، وقدَّمتْه أنموذجًا للناس؛ يُشرِقُ كلُّ يومٍ من أيام حياته -وهو الذي دخل في سنِّه التسعين- بهالةِ نورٍ، وضياءِ فضيلةٍ، وشعاعِ عزمٍ وإيمان؛ لقد ثوى في قلوب الشباب التركي وعقولهم، فأضاء بهذا النور أرواحَهم المعتِمة، ودلَّهم إلى الصراط البيِّن القويم.

ولقد أنعمت العناية الإلهية على بديع الزمان سعيد نور بذكاءٍ خارق، فوجَّه هذا الذكاءَ وصرفه بعزم المؤمن وجَلَدِه إلى ما فيه خيرُ أبناء هذا الوطن ورُقيُّهم، ولم تبق أنواره حبيسة هذا البلد، بل تخطَّت الحدود حتى بلغت باكستان وأندونيسيا.

إن النور الذي بثَّه هذا الرجل، ومشاعلَ الأخلاق والفضيلة التي أسرجها للناس لا يمكن أن تقيِّمها معاييرنُا المحدودة، وإن ما تحلَّى به من عزمٍ وإرادةٍ وما انطوى عليه من يقينٍ راسخٍ وخلقٍ كريم لَيُمثِّلُ أنموذجًا يحتذى، ليس لنا نحن أبناءَ تركيا فحسب، بل