822

المحكمة، ودخل الأستاذ قاعة المحكمة في أجواء من التصفيق يَحُفُّ به طلاب النور الشباب، وجلس على كرسي الاتهام، وجاء المحامون وأخذوا أماكنهم.

كان الازدحام الذي شهدتْه قاعةُ المحكمة يفوق الوصف.. آلافُ الأشخاص تدفقوا من الأبواب كأمواجٍ بشريةٍ يريدون الاستماع لسير المحاكمة؛ وقد كان لهذا المشهد أثرٌ بالغ المهابة والرهبة.. إذْ كان الشباب الذي نشأ محرومًا من الثقافة الدينية يُعبِّر في هذا المشهد عن عظيمِ امتنانه وتقديره لسعيد النُّورْسِيّ الذي يمثل نموذجًا مشخَّصًا لنور الإسلام، وكأن لسان حالهم يقول:

أيها المجاهد الكبير.. يا مَن مزَّقتَ بأنوار القرآن ظلمات القرن العشرين.. يا مَن جَلَوتَ آفاقَ النور والبشرى لأهل الإسلام.. ويا مَن دعوتَ الإنسانية إلى السعادة الأبدية العليا اللائقة بإنسانيتها.. لقد أسديتم لها خدمةً جليلةً.. وبالأخص لهذا الوطن وأبنائه، وإنا نشكركم على هذا أجزل شكر، وسيذكركم المستقبل بالتقدير والعرفان.

لقد كنتم الطبيبَ الذي أدرك جيلًا كان على وشك الموت، فأغثتموه بماء الحياة، وأسديتم له خدمةً لا تضاهى عِظَمًا وسُموًّا؛ وجاهدتم وضحيتم بحياتكم لإنقاذِ أمةٍ وأجيالٍ أريدَ لها أن تُلقى في غياهب العدم والشقاء الأبدي، فجئتموها بنور القرآن، وأخذتم بيدها إلى درب السعادة الأبدية وطريق الله جل جلاله.

على دربكم أجيال الهدى والنور

على نهجكم طول العصور

لم يَعُد بمقدور المحكمة الاستمرار في جلستها لشدة الازدحام في القاعة، ولم يتمكن رجال الشرطة المكلفون بحفظ النظام من منع الناس من الاحتشاد، مما اضطر رئيسَ المحكمة لمخاطبة الناس قائلًا: إن كنتم تحبون فضيلة الأستاذ فأرجو أن تُفسِحوا المجال لتُكمل المحكمة عملها؛ وسرعان ما استجاب الناس لطلبه واستأنفت المحكمة سيرها.