823

استُمِع أولًا لإفادة صاحب المطبعة الذي طبع رسالة «مرشد الشباب»، تَلتْها إفادة رجال الشرطة، ثم تقدم الأستاذ باعتراضٍ على تقرير لجنة الخبراء، وطلب إذنًا بأداء صلاة العصر خشية فواتها، فوافق رئيس المحكمة على طلب الأستاذ وأنهى الجلسة.

وعندما كان الأستاذ يجتاز ممر المحكمة وقد أحاط به محبوه وطلابه الشباب، كانت أكُفُّ الآلاف تلتهب بالتصفيق بينما رفع الأستاذ يديه يحيي طلابه بحبٍ ومودةٍ، وعند باب المحكمة تجمَّع قرابة الأربعة آلاف شخصٍ ينتظرون رؤيته، نزل الأستاذ الدرج وسط طوفانٍ من التصفيق، وكان البعض يبكي من شدة التأثر؛ لم يكن من الممكن متابعة المسير، فأقلَّ طلابُ النور أستاذَهم في سيارةٍ إلى مسجد السلطان أحمد حيث صلَّوا الجماعة، ثم عادوا به إلى مقر إقامته.

***

كانت آخر جلسات المحاكمة في الخامس من آذار/مارس 1952م، دخل الأستاذ قاعة المحكمة يحف به حشدٌ من محبيه وطلابه الشباب؛ وكانت المحكمة قد اتخذت عدة إجراءاتٍ لمنع وقوع ازدحامٍ يعيق سيرها كما وقع في المرة السابقة، فزادت من عدد عناصر الشرطة ووزعتهم على الأبواب والممرات والأدراج، لكن برغم كل هذه الإجراءات فقد غصَّتْ قاعة المحكمة بالحضور.

بدأت الجلسة بالاستماع إلى إفادة الطالب الجامعي الذي قام بطبع رسالة «مرشد الشباب»، وقُدِّمَ بوصفه شاهدًا في القضية، وقد ذكر في إفادته أنه قرأ الكثير من الكتب التي تنتمي إلى ثقافة الشرق والغرب، إلا أنه لما وقعت بيده رسائل النور استفاد منها عظيمَ الفائدة في عقله وفكره وقلبه وروحه، ووجد فيها ما لم يجده في غيرها، وتركتْ فيه أثرًا بالغَ الأهمية في أخلاقه وإرادته، ووجد لرسالة «مرشد الشباب» أثرًا كبيرًا في تحقيق إيمان جيل الشباب وصَونِه وتعزيز أخلاقهم، فقام بطبعها رجاءَ أن يقدم لهم خدمةً وطنيةً نافعة، ولم يرَ في عمله هذا ما يستحق أن يوصَف بالجرم أو مخالفة القانون.