825

وفي أيام خلافة عمر بن الخطاب حدث أن تحاكم هو ورجلٌ نصرانيٌّ من عامة الناس، ومع أن الرجل كان معارِضًا لنظام الحكم الإسلامي ومقدساته ودينه وقوانينه، إلا أن المحكمة لم تنظر إلى شيءٍ من ذلك بعين الاعتبار، مما يبين بوضوحٍ أن مؤسسات القضاء لا تخضع لأي تيار، ولا تنحاز أي انحياز.

فحرية الدين والضمير هذه عمدةٌ لا يختلف عليها أحد، بل تجري وتَحكُم بمقتضاها مؤسسات القضاء في العالَم أجمع من شرقه إلى غربه باستثناء البلدان الشيوعية.

أفإن رفضتُ الجانبَ الفاسدَ في المدنية الغربية، والاستبدادَ المطلقَ المتخفِّي خلف ستار الحرية، والضغوطاتِ التي تُمارَس على الدين وأهله خلف قناع العلمانية.. وعارضتُ ذلك ثقةً مني بعُمدةِ حرية الدين والضمير، واستنادًا إلى مئات الآيات القرآنية.. أفأكون خارجًا على القانون؟! أم أكون مدافعًا عن دستور البلاد دفاعًا حقيقيًّا صادقًا؟!

إن معارضة الباطل والظلم واللامشروعية لا يمكن أن تُعدَّ جرمًا لدى أية حكومة، لا بل على العكس، فالمعارضة المشروعة الصادقة هي العنصر الذي يحفظ توازن العدالة.

أما الاتهام الثاني الذي اتهمني به رجالُ العهد السابق، ورأوا أني أستحق بموجَبه الظلمَ والنكال، فهو الإخلال بالأمن والاستقرار؛ ولقد أنزلوا بي من جراء هذا الاتهام الكاذب والهاجس المزعوم عقابًا على مدى ثمانٍ وعشرين سنة لم يُذيقوه لأحدٍ غيري، فنفوني من بلدةٍ إلى بلدة، وساقوني من محكمةٍ إلى محكمة، وسجنوني من زنزانةٍ إلى زنزانة، وعزلوني عن العالَم الخارجي، وسمَّموني، وأنزلوا بي صنوفًا من الأذى والهوان.

والحق أننا نحن طلابَ النور البالغ عددنا خمسمئة ألف طالبٍ مُضَحٍّ مُتفانٍ، نحن مَن يتبوأ مقام المحافِظ المعنويِّ الفخريِّ على أمنِ واستقرارِ هذا البلد، وإن من