826

أعظم الذنوب أن يتهمونا بمثل هذه الاتهامات؛ بل إننا برغمِ كلِّ تعدِّياتهم الظالمة بحقنا، ترفَّعنا عن كل مشاعر الضغينة والرد بالمثل، ولم نتخلَّ يومًا عن العمل في سبيل غرس الأمن والاستقرار في القلوب، وخدمةِ الإيمان والقرآن، وإنقاذِ مَن وقعوا بغفلةٍ في مستنقع الفوضى الآسن.

السادةُ القضاة..

أعرض عليكم فيما يلي معلوماتٍ قطعيةً مؤكدة، لا مجرد ادعاءاتٍ لا دليل عليها، وهي أنه بعد تدقيقاتٍ مطوَّلةٍ مفصَّلةٍ أجرتْها ستُّ محاكم في ست ولاياتٍ لقينا فيها ما لقينا من الظلم والنفي، تبيَّن أنه لم تُسجَّل بحقِّنا أيُّ واقعةِ إخلالٍ بالأمن والاستقرار؛ وهذا يُثبِت أن طلاب مدرسة النُّور -وهي مدرسة علمٍ وعرفان- إنما يعملون على صعيد القلوب، ويقيمون فيها وفي العقول الرقيبَ الذي يرعى الأمن والاستقرار.

إن دروسنا الإيمانية هي ضدَّ الإفساد والفوضوية المتمردة، وضدَّ الماسونية والشيوعية؛ فلتُسأل جميعُ دوائر الأمن والشرطة في هذا البلد: هل وقعت حادثةُ إخلالٍ بالنظام والانتظام ولو من طالبٍ واحدٍ من طلاب مدرسة النور والعرفان البالغ عددهم خمسمئة ألف؟ كلا بلا شك، لأن في قلبِ كلِّ واحدٍ منهم رقيبَ الإيمان الذي هو أفضل مَن يحفظ النظام والانتظام؛ ولقد أوضحتُ هذه الحقائق بشكلٍ مفصَّلٍ في مقالتي المسماة «الحقيقة تتكلم»، والتي نشرتْها مجلة سبيل الرشاد في عددها السادس عشر بعد المئة.

إنه لمن الظلم والإجحاف البالغِ غاية الشناعة والفداحة، البعيدِ عن الحق والإنصاف بُعدَ الأرض عن السماء، أن يؤتى برجلٍ تشهد سنوات عمره بأنه ضحَّى بدنياه، بل بحياته وآخرته إن لزم الأمر فداءً لدينه، وترَكَ السياسة منذ خمسٍ وثلاثين سنة، ولم تعثر المحاكم على أيِّ دليلٍ يُدينه بهذا الصدد رغم تدقيقاتها وتحرياتها، وقد تخطى الثمانين من عمره، وبلغ باب القبر، ولم يملك شيئًا من متاع الدنيا ولم يولِه أهميةً.. فيقالَ في حقه بعد هذا كلِّه: إنه يتخذ الدين أداةً للسياسة!!