918

عليه، أجل، وحسبُنا أن نعلم أن خدمة القرآن والإيمان التي نهض بها بديع الزمان ورسائلُ النور حتى ترسخت في القلوب وانتشرت في كلِّ مكان، لا يمكن لأيَّةِ قوةٍ بشريةٍ أن تمنعها إلا أن تكون قوةً تستولي على مقاليد العالَم وتديرُه كيف تشاء.

ونقتبس هنا جُملًا من كتاب «الدفاع الكبير»، [جُمِعَت الدفاعات التي أدلى بها الأستاذ وبعض طلاب النور في المحاكم، ورُتِّبت في كتابٍ سُمِّي «الدفاع الكبير»؛ هـ ت] وهي كلماتٌ قالها أستاذنا في دفاعه أمام المحكمة التي سيق إليها وفق مخطَّطٍ يرمي للحكم عليه بالإعدام، يقول الأستاذ: إن طلاب رسائل النور ليسوا كغيرهم.. فليسوا ممن تُجدي معهم المكيدة والحيلة أو يستسلمون للهزيمة.. أما رسائل النور فهي بضاعة القرآن ورشحةٌ من رشحاته.. والقرآن سلسلةٌ نورانيةٌ تَصِل العرش بالفرش.. فمَن بمقدوره أن يطولَها؟! لقد ترسخت رسائل النور في أرض الأناضول، وليس بمقدور أيَّة قوةٍ أن تقتلعها منها.

ويقول الأستاذ في كتابه الرائع الذائع الصِّيت «الآية الكبرى» ما نصُّه: إن رسائل النور لا تُصلِح إفساداتٍ جزئية، ولا تبني بيتًا متواضعًا، بل تُصلِح إفساداتٍ كُلِّيّةً شاملة، وتبني قلعةً عظيمةً محيطةً تَحوزُ الإسلامَ في داخلها، وتَعظُمُ عِظَمَ الجبال أحجارُها.

إنها لا تعمل على إصلاح قلبٍ خاصٍّ أو ضميرٍ خصوصيّ، بل تعمل على مداواة القلب العام الذي أثخنتْه جراحُ أدواتِ الإفساد المتراكمة منذ ألف عام، وتعمل على تطبيب الضمير والوجدان العمومي الذي مالَ إلى الفساد بعد أن دُمِّرت أسسٌ وتياراتٌ وشعائرُ إسلاميةٌ تمثِّل مرتكزًا للجميع خصوصًا لدى عوامّ المؤمنين؛ فهذا ما تقوم به رسائل النور مستعينةً بأدوية القرآن والإيمان، مستندةً إلى إعجاز القرآن؛ ولا ريب أن مثل هذه الجراحات الكُلِّيَّة الغائرة والكُلوم الأليمة المفجعة تستدعي وجود أدواتٍ فعالةٍ، وحُججٍ قويةٍ راسخة، وأدويةٍ غير محدودة، ومضاداتٍ ناجعةٍ مجرَّبةٍ تملك خاصيَّة ألف ترياق؛ وتلك هي المهمة التي اضطلعت بها رسائل النور في هذا الزمان، فقد نبعت