934

أن يُصادَر الكتاب ويُمنَع فذلك جورٌ وخروجٌ على القانون لم يُسمَع بمثله، وهو أشبه بسَجن عشرةِ آلاف شخصٍ بجريرةِ شخصٍ واحد؛ وفضلًا عن هذا فإن للعشرين ألف سطرٍ المتبقيةِ عشرين ألف حسنةٍ، إذِ استطاعت أن تقوِّي إيمانَ عشرين ألف رجل حتى يومنا هذا، وحريٌّ بهذه العشرين ألف حسنةٍ أن تمحو تلك السيئة الواحدة.

ولولا أنني أعاني من شدة المرض لتكلمتُ أكثر، ويمكنكم -أنتم الذين تتولون القيام على شؤوني- أن تُجروا التصحيحات والتعديلات المناسبة إن رأيتم ذلك؛ لقد كان المفترض برجال الشرطة أن يكونوا أكثرَ الناس نصرةً وتأييدًا لرسائل النور إذْ أسدتْ خدمةً جليلةً بإرساء الأمن والاستقرار، وأدتْ وظيفة الشرطة المعنوية، إلا أن تكليف رجال الشرطة اليوم بمهمة التحري والملاحقة للرسائل وخِدمتها أمرٌ ينافي وظيفتهم من جهة، ويثير استياءنا من جهةٍ أخرى، بلِّغوهم على أيةِ حالٍ أنني قد سامحتهم.

سادسًا: كنا نرجو الفرَجَ والقُربة في ليلة المعراج وفي هذه الشهور الثلاثة المباركة، فإذا بخبر ملاحقة الكتاب ومنعِه يعكِّر صفوَنا بكلِّ أسف.

وإننا -أخذًا بمعنى الحديث الصحيح القائل بأن الصدقة تدفع البلاء- [وَرَدَ بهذا المعنى أحاديث كثيرة، منها ما أخرجه الترمذي وحسَّنه، وابن حبان في صحيحه عن أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «إن الصدقة لَتُطفئ غضب الربِّ، وتدفع مِيتة السُّوء»؛ وما رواه البيهقي والطبراني في الأوسط عن عليٍّ مرفوعًا: «باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّاها»؛ هـ ت] نَعُدُّ رسائل النور صدقةً تدفع البلاء عن بلاد الأناضول، وثمة وقائع كثيرةٌ تشير إلى هذا المعنى بحيث إنه كلما صدر قرارٌ ببراءتها ورَفعِ الحظر عنها رُفِع البلاء، وكلما هوجِمت حلَّت بلاءاتٌ كثيرةٌ، منها ما حصل في السابق من زلزالٍ وعواصف شديدة، وقد وقع في أثناء ملاحقتها والتعرُّض لها هذه المرة بردٌ شديدٌ غير مسبوق بلغ درجة ثماني عشرة تحت الصفر.

لم يستطع الأستاذ إكمال حديثه لشدة مرضه، فقال للقائم على خدمته: بلِّغ هذه المعلومات لبعض الإخوة والمسؤولين لئلا يقلقوا بهذا الخصوص.

وكتبه: القائم على خدمة الأستاذ في مرضه.

نعم، ما كَتَبه صحيح

سعيد النُّورْسِيّ

***