885

أجل، فلقد كان اليأس يخيم على مسلمين كثيرين لم يكن كمُلَ بعدُ إيمانُهم وعزمُهم وتفانيهم وأملُهم، فكانوا يرون تحقُّق مثل هذا النصر ضربًا من الخيال والمُحال، ولكن جاءت رسائل النور تستمد نورَها ومددَها من القرآن الكريم المتنزِّل من آفاق العرش الأعظم شمسَ هدايةٍ وإرشادٍ للبشرية جمعاء.. جاءت فحركت مياه القلوب الراكدة، فأحالتْها بحارًا هادرةَ الأمواج، وحطَّمتْ قيودَ أعوام الجفوة والحرمان التي كبَّلت الآمال والأمنيات.

إن هذه الأسفار التي انبجست من ينبوع النور مُترَعةً مددًا وحكمةً، قد لبَّت حاجات الإنسان الأزلية والأبدية الكامنةَ في أفكاره ومشاعره، والثاويةَ على نحوٍ خاصٍّ في أعماق روحه ووجدانه الملتهب، وأخرجتْها من محيط الظلمات بأمواجه العاتية ولُجَجِه الدامسة إلى آفاق النور المتلألئة الصافية.

لقد انبلج هذا النصر القدسي شمسًا إلهيةً بعد سنين طِوالٍ من الصمت المُطبِق والغفلة العميقة والظُّلمة الخانقة، فبَشَّر بيقظةٍ قريبةٍ للبشرية التائهة بحثًا عن سبيل النور؛ ذلك أن الدين ليس حاجةً للمسلمين فحسب، بل هو حاجةٌ أزليةٌ وأبديةٌ لبني الإنسان كافَّة، وإن البشرية التعيسة تعاني اليوم بصدرٍ يلتهب نارًا من ويلات حرمانها نعمةَ الدين، وحسبُها من نتائج هذه الداهية المريرة دخولُها حربين عالَميتَين خلال ربع قرن، وهي اليوم تندفع متهوِّرةً تَطرُق باب حربٍ عالميةٍ ثالثة.

لقد بات واضحًا للعِيان اليوم أن الإسلام هو القوة الوحيدة القادرة على لَمِّ شمل بني الإنسان ومؤاخاتهم تحت رايةٍ عالَميةٍ واحدة، تَهُبُّ على مُستظِلِّيها نسماتُ الأمن والاستقرار والسعادة والرفاه من آفاق النور وجنان النعيم؛ ذلك أن حال البشرية اليوم هي أشبه ما تكون بحالها قبل مجيء الإسلام، وكما أنقذها في ذلك الحين من ويلاتها الأبدية فإنه اليوم قادرٌ على فعل الشيء نفسه من جديد؛ أجل، وهو وحدَه اليد الحانية التي ستُضَمِّد جراحَ ملايين بل مليارات القلوب النازفة عبر القرون؛ ومهما ظهرتْ