ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

    ﻳﺒﻴﻦ ﺳﺮّﻳﻦ ﻳﺘﻀﻤﻨﺎﻥ ﻣﻔﺎﺗﻴﺢَ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻛﺜﻴﺮﺓ

      ﺍﻟﺴﺮ ﺍلأﻭﻝ

ﻟِﻢَ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀُ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻲ ﻣﺸﻬﻮﺩﺍﺗﻬﻢ ﻭﻛﺸﻔﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺘﻔﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﺻﻮﻝ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ، ﺇﺫ ﺗﻈﻬﺮ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﻛﺸﻮﻓُﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﻣﺨﺎﻟِﻔﺔً ﻟﻠﻮﺍﻗﻊ ﻭﻣﺠﺎﻧﺒﺔً ﻟﻠﺤﻖ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺮﻯ ﻭﻳﺒﻴّﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏُ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭﺃﺭﺑﺎﺏُ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔً ﻓﻲ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻢ، ﺭﻏﻢ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺃﺣﻘﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﻟﺪﻯ ﻛﻞِّ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ؟ ﻓِﻠﻢَ ﺗﺘﻠﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔُ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺑﺄﻟﻮﺍﻥ ﺷﺘﻰ؟

ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺮﻙ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ، ﻛﺎﻟﺤﺸﺮ ﺍﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ، ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍلإﺟﻤﺎﻝ، ﻭﻟﻢ ﻳﻔﺼّﻠﻮﻩ ﺗﻔﺼﻴـلا ﻛﺎﻣـلا ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﺣﺘﻰ ﺫﻫﺐ -ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ- ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺃﻣَﻤِﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤُﺠﻤﻠﺔ؟ ﺛﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻘﺪَّﻡ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﺤﺴﺐ، ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﻮﺍ ﺩﺭﺟﺔَ ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻣﻊ ﺃﻥ ﻗﺴﻤﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻳﺒﺪﻭ ﻣﺠﻤـلا ﻓﻲ ﻣﺸﺎﺭﺑﻬﻢ ﺃﻭ ﻳﺘﺮﺍﺀﻯ ﻧﺎﺩﺭﺍ، ﺑﻞ لأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳُﻮﻝِ ﻣُﺘَّﺒﻌُﻮﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪُ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺭﻛﺎﻥَ ﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟـلاﺯﻡ، ﺑﻞ ﻗﺪ ﺯﺍﻍ ﺑﻌﻀُﻬﻢ ﻭﺿَﻞَّ.

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻳُﻨﺎﻝ ﺑﺎﻧﻜﺸﺎﻑ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻛﻠِّﻬﺎ، ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺗﻘﺪَّﻡ ﺃﻫﻞُ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺨﻠّﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍلآﺧﺮ. ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻭﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡُ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻈﻲَ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻟـلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺇﻣﺎﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ، ﻗﺪ ﻓﺼّـلا ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻛﻠَّﻬﺎ ﺗﻔﺼﻴـلا ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺟﻠﻴﺎ ﻭﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺟﺎﺩ ﻭﻣﻘﺼﻮﺩ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻧﻌﻢ، لأﻥ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝَ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍلأﺗﻢَّ ﻫﻮ ﻫﻜﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.

ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺮﺍﺭ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍلآﺗﻲ: ﺇﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻟﻪ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻟﺒﻠﻮﻍ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﻛﻠِّﻬﺎ ﻭﻧﻴﻞِ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺟﻤﻴﻌِﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﺤﺮﻯ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﻣﻦ ﺧـلاﻝ ﺃﻟﻮﻑِ ﺍﻟﺤُﺠﺐ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﺯﺥ، ﺇﺫ ﺍﻗﺘﺪﺍﺭُﻩ ﺟﺰﺋﻲ، ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭُﻩ ﺟﺰﺋﻲ، ﻭﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗﻪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ. ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﺗﺘﻮﺳﻂ ﺍﻟﺤُﺠﺐُ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﺯﺥ ﻟﺪﻯ ﺍﻧﻜﺸﺎﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﻓﻲ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﻟﺤﻖ؛ ﻓﺒﻌﻀُﻬﻢ لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ. ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻓﻘﺎﺑﻠﻴﺔ ﺑﻌﻀﻬﻢ لا ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﺸﺄً لاﻧﻜﺸﺎﻑ ﺑﻌﺾ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ.

ﺛﻢ ﺇﻥّ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺗﺘﻨﻮﻉ ﺣﺴﺐ ﻧﻴﻞ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ، ﻭﺗُﺼﺒﺢ ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﺓً، ﻓـلا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻌﺾُ ﻣَﻦ ﺣﻈﻲَ ﺑﻤﻈﻬﺮ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﺍﺭﺍ ﻟﺘﺠﻠﻴﻪ ﺗﺠﻠﻴﺎ ﻛﺎﻣـلا، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥّ ﺗﺠﻠﻲ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺗﺘﺨﺬ ﺻﻮﺭﺍ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻈﻠﻴﺔ ﻭﺍلأﺻﻠﻴﺔ. ﻓﻴﻘﺼﺮ ﺑﻌﺾُ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﻋﻦ ﺍﺟﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻞ. ﻭﻗﺪ ﻳﻐﻠﺐ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ، ﺣﺴﺐ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩ، ﻓﻴﻨﻔﺬُ ﺣﻜﻤُﻪ ﻭﺣﺪَﻩ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻣﻬﻴﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩ. ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻟﻐﺎﻣﺾ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﺳﻨﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺒﻀﻊ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺿﻤﻦ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻭﺍﺳﻊ ﺗﻤﺎﺯﺟُﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔُ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ:

ﻓﻠﻨﻔﺮﺽ «ﺯﻫﺮﺓً» ﺫﺍﺕ ﻧﻘﻮﺵ، ﻭ ﻗﻄﺮﺓً  ﺫﺍﺕ ﺣﻴﺎﺓ ﻋﺎﺷﻘﺔً ﻟﻠﻘﻤﺮ، ﻭ«ﺭﺷﺤﺔً» ﺫﺍﺕ ﺻﻔﺎﺀ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﺑﺤﻴﺚ ﺇﻥ ﻟﻜﻞٍ ﻣﻨﻬﺎ ﺷﻌﻮﺭﺍ، ﻭﻟﻜﻞٍ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻤﺎلا، ﻭﺷﻮﻗﺎ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺇﺷﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻭﻫﻲ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﺜـلاﺙ ﻃﺒﻘﺎﺕ لأﻫﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ: (حاشية) ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﺛـلاﺙ ﻃﻮﺍﺋﻒ. ﻓﺎلأﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻃﺒﻘﺔ، ﺑﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ. لا ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﻭﺣﺪﻫﺎ.

ﺃﻭلاﻫﺎ: ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ، ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ، ﻭﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ.. ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺆلاﺀ.

ﺛﺎﻧﻴﺘﻬﺎ: ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﻌﻴﺎ ﻟﺒﻠﻮﻍ ﻛﻤﺎﻟﻬﻢ ﺑﺄﺟﻬﺰﺓ ﺟﺴﻤﺎﻧﻴﺔ.. (ﺃﻱ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺤﻮﺍﺱ). ﻭﺍﻟﻤﺎﺿﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎﻫﺪﺓ ﺑﺘﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺇﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ.. ﻭﺍﻟﺴﺎﺋﺮﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ.. ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﻟﻬﺆلاﺀ.

ﺛﺎﻟﺜﺘﻬﺎ: ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﺮﻭﺍ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙَ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺎﺳﺘﺪلاﻟﻬﻢ، ﻭﻟﻢ ﻳﺪَﻋﻮﺍ ﺍلأﻧﺎﻧﻴﺔَ ﻭﺍﻟﻐﺮﻭﺭ، ﻭﺃﻭﻏﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺍلآﺛﺎﺭ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺤﺮّﻭﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ.

ﻓﺎلأﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﺗﻤﺜﻴـلاﺕ، ﺗﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﻜﻤﺔ ﺍلاﺧﺘـلاﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﻓﻲ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ.

ﻓﺎﻟﺴﺮ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﺭﻗﻲّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺜـلاﺙ، ﻧﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻧﺒﻴّﻨﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺗﻤﺜﻴﻞ ﻭﺗﺤﺖ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦ «ﺯﻫﺮﺓ» ﻭ«ﻗﻄﺮﺓ» ﻭ«ﺭﺷﺤﺔ».

ﻓﻤﺜـلا: ﻟﻠﺸﻤﺲ -ﺑﺈﺫﻥ ﺧﺎﻟﻘﻬﺎ ﻭﺑﺄﻣﺮﻩ- ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺛـلاﺛﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭﺍلاﻧﻌﻜﺎﺱ ﻭﺍلإﻓﺎﺿﺔ.

ﺃﺣﺪﻫﺎ: ﻋﻠﻰ ﺍلأﺯﻫﺎﺭ.

ﻭﺍلآﺧﺮ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ.

ﻭﺁﺧﺮ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻤﺎﻋﺔ ﻛﺎﻟﺰﺟﺎﺝ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ.

ﻓﺎلأﻭﻝ: ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭﺍلإﻓﺎﺿﺔ ﻭﺍلاﻧﻌﻜﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺟﻪ ﺛـلاﺛﺔ:

ﺍلأﻭﻝ: ﺗﺠﻞٍّ ﻛﻠﻲ ﻭﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻋﻤﻮﻣﻲ، ﻭﻫﻮ ﺃﻓﺎﺿﺘُﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺯﻫﺎﺭ.

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺗﺠﻞٍ ﺧﺎﺹٍ، ﻭﻫﻮ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﺧﺎﺹ ﺣﺴﺐ ﻛﻞ ﻧﻮﻉ.

ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺗﺠﻞ ﺟﺰﺋﻲ، ﻭﻫﻮ ﺇﻓﺎﺿﺔ ﺣﺴﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻛﻞ ﺯﻫﺮﺓ.

ﻫﺬﺍ ﻭﺇﻥّ ﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﺑﺄﻥ ﺍلأﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﻟـلأﺯﻫﺎﺭ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﺗﺤﻠﻞ ﺍلأﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ. ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﺎلأﺯﻫﺎﺭ ﺃﻳﻀﺎ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﺍﻟﺸﻤﺲ.

ﺛﺎﻧﻴﻬﺎ: ﻫﻮ ﺍﻟﻔﻴﺾ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻄﻴﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺍﻟﻘﻤﺮَ ﻭﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐَ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻔﺎﻃﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ. ﻓﺎﻟﻘﻤﺮ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻮﺭ -ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﻇﻞٍّ ﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ- ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻛﻠﻴﺔ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻓﻴﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻴﺾُ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻭﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﺳﻊ، ﻭﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﻔﻴﺪ ﺍﻟﻘﻤﺮُ ﻓﻴﻔﻴﺾُ ﺑﺎﻟﻨﻮﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﺍﻟـلاﻣﻊ، ﻭﻳﻔﻴﺾُ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺒﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺩﻗﺎﺋﻖِ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻭﺫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ.

ﺛﺎﻟﺜﻬﺎ: ﻫﻮ ﺍﻧﻌﻜﺎﺱ ﻟﻠﺸﻤﺲ، ﺑﺄﻣﺮ ﺇﻟﻬﻲ، ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎ ﺻﺎﻓﻴﺎ ﻛﻠﻴﺎ ﺑـلا ﻇﻞٍ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺠﻌﻞ ﻛـلا ﻣﻦ ﺟﻮ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻣﺮﺍﻳﺎ.. ﺛﻢ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﻌﻄﻲ ﺻﻮﺭﺗَﻬﺎ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﻭﺗﻤﺜﺎﻟَﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﻐﺮ ﺇﻟﻰ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﺣﺒﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻗﻄﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺭﺷﺤﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻭﺑﻠﻮﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻠﺞ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺎﻟﺸﻤﺲ، ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ، ﻟﻬﺎ ﺇﻓﺎﺿﺔ ﻭﺗﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺯﻫﺮﺓ، ﻭﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﻗﻄﺮﺓ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔٍ ﻟﻠﻘﻤﺮ، ﻭﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺭﺷﺤﺔ، ﺑﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ:

ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍلأﻭﻝ: ﺇﻓﺎﺿﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺑﺎلأﺻﺎﻟﺔ، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ، ﻭﺑـلا ﺣﺠﺎﺏ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﻤﺜّﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ.

ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺗﺘﻮﺳﻂ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﺥ، ﺇﺫ ﻗﺎﺑﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﻭﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺗﻌﻄﻲ ﻟﻮﻧﺎ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻳﻤﺜﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ، «ﻓﺎﻟﺰﻫﺮﺓ» ﻭ«ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺷﺤﺔ» ﻛﻞّ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍلأﻭﻝ: «ﺃﻧﺎ ﻣﺮﺁﺓ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﺃﺟﻤﻊ». ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ لا ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺑﻞ ﺗﻘﻮﻝ: «ﺇﻧﻨﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﺷﻤﺴﻲ» ﺃﻭ «ﺇﻧﻨﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﺘﺠﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻮﻋﻲ» لأﻧﻬﺎ ﺗَﻌﺮﻑ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻫﻜﺬﺍ؛ ﺇﺫ لا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺍﻟﻤﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻢ ﻛﻠﻪ؛ لأﻥ ﺷﻤﺲَ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ، ﺃﻭ ﻧﻮﻋﻪ، ﺃﻭ ﺟﻨﺴﻪ، ﺗَﻈﻬﺮ ﻟﻪ ﺿﻤﻦ ﺑﺮﺯﺥ ﺿﻴﻖ ﻭﺗﺤﺖ ﻗﻴﺪ ﻣﺤﺪﻭﺩ. ﻓـلا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﺍﻟﻤﻘﻴّﺪﺓ ﺁﺛﺎﺭَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺑـلا ﻗﻴﺪ ﻭلا ﺑﺮﺯﺥ. ﺃﻱ لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﺢ ﺑﺸﻬﻮﺩٍ ﻗﻠﺒﻲ ﺩﻑﺀَ ﻭﺟﻪ ﺍلأﺭﺽ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﻭﺗﻨﻮﻳﺮَﻩ ﻭﺗﺤﺮﻳﻚَ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺟﻤﻴﻌِﻬﺎ ﻭﺟﻌْﻞَ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺠﺮﻱ ﺣﻮﻟﻬﺎ.. ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ، لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻨﺢَ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍلآﺛﺎﺭَ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺎﻫﺪﻫﺎ ﺿﻤﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻴﺪ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ.

ﻭﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻣَﻨﺤَﺖ ﺍلأﺷﻴﺎﺀُ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ -ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻨﺎﻫﺎ ﺫﺍﺕ ﺷﻌﻮﺭ- ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺗﻠﻚ ﺍلآﺛﺎﺭَ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎﻫﺪﻫﺎ ﺗﺤﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻴﺪ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻤﻨﺤَﻬﺎ ﺑﻮﺟﻪٍ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻲ ﺑﺤﺖ، ﻭﺑﺘﺴﻠﻴﻢ ﺗﺎﻡ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﻴّﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ. ﻓﺘﻠﻚ «ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﻘﻄﺮﺓ ﻭﺍﻟﺮﺷﺤﺔ» ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻨﺎﻫﺎ ﺷﺒﻴﻬﺔً ﺑﺎلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ، ﺇﺳﻨﺎﺩُﻫﺎ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﻜﺎﻡَ (ﺃﻱ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ) ﺇﻟﻰ ﺷﻤﻮﺳﻬﺎ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﻋﻘﻠﻲ لا ﺷﻬﻮﺩﻱ.. ﺑﻞ ﻗﺪ ﺗﺘﺼﺎﺩﻡ ﺃﺣﻜﺎﻣُﻬﺎ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺸﻬﻮﺩﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ، ﻓﺘﺼﺪّﻕ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻌﻠﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝَ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻤﻤﺘﺰﺝ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﻴﻖ ﺑﻬﺎ ﻭلا ﻳﺴﻌﻬﺎ، ﻭﺗﺸﺎﻫَﺪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺟﻮﺍﻧﺒﻪ ﺃﻋﻀﺎﺀُ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ:

ﺳﻨﻔﺮﺽ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ «ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ» ﻭ«ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺷﺤﺔ». ﺇﺫ لا ﻳﻜﻔﻲ ﻣﺎ ﺍﻓﺘﺮﺿﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻨﻠﺤِﻖ ﺑﻬﺎ ﻋﻘﻮﻟَﻨﺎ ﺃﻳﻀﺎ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺴﺘﻔﻴﺾ ﻣﻦ ﺷﻤﺴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ، ﻓﻨﺤﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻧﺴﺘﻔﻴﺾ ﻣﻦ ﺷﻤﺴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ.

ﻓﺄﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻨﺴﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﻮﻏﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺎﺕ ﻭﻗﺪ ﻏﻠُﻈﺖْ ﻧﻔﺴُﻪ ﻭﺗﻜﺎﺛﻔﺖ! ﻛﻦ «ﺍﻟﺰﻫﺮﺓَ». لأﻥ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻙ ﺷﺒﻴﻪ ﺑﻬﺎ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﺗﺄﺧﺬ ﻟﻮﻧﺎ ﻗﺪ ﺗﺤﻠﻞ ﻣﻦ ﺿﻴﺎﺀ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺗﻤﺰِﺝ ﻣﺜﺎﻝَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻮﻥ، ﻭﺗﺘﻠﻮﻥ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺯﺍﻫﻴﺔ.

ﺃﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪ ﺑﺎلأﺳﺒﺎﺏ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺒﻬُﻪ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ»، ﻓﻠﻴﻜﻦ «ﺍﻟﻘﻄﺮﺓَ» ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻟﻠﻘﻤﺮ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﻇﻞُّ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻴُﻌﻄﻲ ﻋﻴﻨَﻬﺎ ﻧﻮﺭﺍ ﻓﺘﺘـلألأ ﺑﻪ.. ﻭﻟﻜﻦ «ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ» لا ﺗﺮﻯ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺇلا ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭلا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺮﻯ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﺑﻞ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﺈﻳﻤﺎﻧﻬﺎ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥّ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻭﻳﻌﺪّ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﺣﺠﺎﺑﺎ، ﻟﻴﻜﻦ ﻫﻮ «ﺍﻟﺮﺷﺤﺔ»، ﻓﻬﻲ ﺭﺷﺤﺔ ﻓﻘﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻬﺎ، لا ﺷﻲﺀ ﻟﻬﺎ ﻛﻲ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻟﺰﻫﺮﺓ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻟﻮﻥ ﻛﻲ ﺗﺸﺎﻫَﺪ ﺑﻪ، ﻭلا ﺗﻌﺮﻑ ﺃﺷﻴﺎﺀً ﺃﺧﺮﻯ ﻛﻲ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻓﻠﻬﺎ ﺻﻔﺎﺀ ﺧﺎﻟﺺ ﻳﺨﺒﺊ ﻣﺜﺎﻝَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺑﺆﺑﺆ ﻋﻴﻨﻬﺎ.

ﻭﺍلآﻥ، ﻣﺎ ﺩﻣﻨﺎ ﻗﺪ ﺣﻠﻠﻨﺎ ﻣﻮﺍﺿﻊَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ، ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻟﻨﺮﻯ ﻣﺎﺫﺍ ﺑﻨﺎ؟ ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻧﻌﻤﻞ؟

ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻨﻈﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺎﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳُﺴﺒﻎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻧِﻌَﻤﻪ ﻭﺇﺣﺴﺎﻧَﻪ، ﻓﻴﻨﻮّﺭﻧﺎ ﻭﻳﺮﺑﻴﻨﺎ ﻭﻳﺠﻤّﻠﻨﺎ. ﻭﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍلإﺣﺴﺎﻥ، ﻭﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻘﺮﺏَ ﻣﻤﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﻳﻄﻠﺐ ﺭﺅﻳﺘﻪ، ﻟﺬﺍ ﻓﻜﻞّ ﻣﻨﺎ ﻳﺴﻠﻚ ﺣﺴﺐ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ ﺑﺠﺎﺫﺑﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ.

ﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﻳﺸﺒﻪ «ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ» ﺃﻧﺖ ﺗﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﺳﻠﻮﻛﻚ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻣﺾِ ﻭﺃﻧﺖ ﺯﻫﺮﺓ.. ﻭﻫﺎ ﻗﺪ ﻣﻀﻴﺖ، ﻭﻗﺪ ﺗﺮﻗﻴﺖ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖَ ﻣﺮﺗﺒﺔً ﻛﻠﻴﺔ، ﻛﺄﻧﻚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻛﻞ ﺍلأﺯﻫﺎﺭ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﻣﺮﺁﺓ ﻛﺜﻴﻔﺔ. ﻓﺄﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﺗﻨﻜﺴﺮ ﻭﺗﺘﺤﻠﻞ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﺘُﺨﻔﻲ ﺻﻮﺭﺓَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻨﻌﻜﺴﺔ، ﻓﻠﻦ ﺗﻮﻓَّﻖ ﺇﻟﻰ ﺭﺅﻳﺔ ﻭﺟﻪ ﻣﺤﺒﻮﺑﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲِ، لأﻥ ﺍلأﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﻴّﺪﺓ، ﻭﺍﻟﺨﺼﺎﺋﺺ، ﺗُﺸﺘﺖ ﺿﻮﺀَ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺗﺴﺪﻝ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏَ ﺩﻭﻧﻪ، ﻓﻴﺤﺠُﺐ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀﻩ. ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻟﻦ ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺍﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺳّﻂ ﺍﻟﺼﻮَﺭ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﺯﺥ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺑﺸﺮﻁ ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ: ﺃﻥ ﺗﺮﻓﻊ ﺭﺃﺳﻚ ﺍﻟﺴﺎﺭﺡ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺔ ﻧﻔﺴِﻚ، ﻭﺗﻜﻒّ ﻧﻈﺮَﻙ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺤﺎﺳﻦ ﻧﻔﺴِﻚ ﻭﺍﻟﻤﻐﺘﺮّ ﺑﻬﺎ، ﻭﺗﺠﻌﻠﻪ ﻳﺤﺪﻕ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻛﺒﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ. ﺛﻢ ﺗﺤﻮّﻝ ﻭﺟﻬَﻚ ﺍﻟﻤﻨﻜﺐّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻋـلاﻫﺎ؛ ﺫﻟﻚ لأﻧﻚ ﻣﺮﺁﺓ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﻭﻇﻴﻔﺘُﻚ ﻣﺮﺁﺗﻴﺔ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﻟﺘﺠﻠﻴﻬﺎ. ﺃﻣﺎ ﺭﺯﻗُﻚ ﻓﺴﻴﺄﺗﻴﻚ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺧﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ، ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ، ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻋﻠﻤﺖَ ﺃﻡْ ﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ. ﻧﻌﻢ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥّ ﺍﻟﺰﻫﺮﺓ ﻣﺮﺁﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻟﻠﺸﻤﺲ، ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻫﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﻛﻘﻄﺮﺓ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﺗﻌﻜﺲ ﻟﻤﻌﺔً ﻣﺘﺠﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ «ﺍﻟﻨﻮﺭ». ﻓﺄﺩﺭِﻙْ ﻳﺎ ﻗﻠﺐَ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣِﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻧﺖ ﻣﺮﺁﺗُﻬﺎ!

ﻓﺒﻌﺪﻣﺎ ﺃﻧﺠﺰﺕَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺗﺠﺪ ﻛﻤﺎﻟَﻚ، ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻦ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺑﺬﺍﺗﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍلأﻣﺮ، ﺑﻞ لا ﺗُﺪﺭﻙ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔَ ﻣﺠﺮّﺩﺓً، ﺇﺫ ﺃﻟﻮﺍﻥُ ﺻﻔﺎﺗﻚ ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ ﻟﻮﻧﺎ، ﻭﻣﻨﻈﺎﺭُﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ ﻳُﻠﺒﺴﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ، ﻭﻗﺎﺑﻠﻴﺘُﻚ ﺍﻟﻤﻘﻴﺪﺓ ﻳﺤﺪﺩﻫﺎ ﺗﺤﺖ ﻗﻴﺪ.

ﻭﺍلآﻥ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ ﻓﻲ «ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ»! ﺇﻧﻚ ﺑﻤﻨﻈﺎﺭ ﻗﻄﺮﺓِ ﻓﻜﺮِﻙ ﻭﺳُﻠَّﻢِ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺭﻗﻴﺖَ ﻭﺻﻌﺪﺕَ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ ﺍﻟﻘﻤﺮَ. ﻭﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻘﻤﺮ. ﺍﻧﻈﺮ، ﺍﻟﻘﻤﺮُ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ ﻛﺜﻴﻒ ﻣﻈﻠﻢ، لا ﺿﻴﺎﺀ ﻟﻪ ﻭلا ﺣﻴﺎﺓ. ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺐ ﺳﻌﻴُﻚ ﻫﺒﺎﺀً ﻭﻋﻠﻤُﻚ ﺑـلا ﺟﺪﻭﻯ ﻭلا ﻧﻔﻊ. ﻓﺈﻧﻚ ﺗَﻘﺪﺭ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﻭﺣﺸﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻭﺇﺯﻋﺎﺟﺎﺕ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺨﺒﻴﺜﺔ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﻭﻫﻲ: ﺃﻧﻚ ﺇﻥ ﺗﺮﻛﺖَ ﻟﻴﻞَ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺗﻮﺟّﻬﺖ ﺇﻟﻰ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺍﻋﺘﻘﺪﺕَ ﻳﻘﻴﻨﺎ ﺃﻥّ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﻫﻲ ﻇـلاﻝُ ﺿﻴﺎﺀ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ. ﻓﺈﻥ ﻭﻓﻴﺖَ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺗﺠﺪ ﻛﻤﺎﻟَﻚ، ﻓﺘﺠﺪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ ﺑﺪﻳﻞَ ﻗﻤﺮٍ ﻓﻘﻴﺮ ﻣﻌﺘﻢ. ﻭﻟﻜﻨﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺜﻞَ ﺻﺪﻳﻘِﻚ ﺍلآﺧﺮ ﻟﻦ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺻﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺗﺮﺍﻫﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺳﺘﺎﺋﺮ ﺁﻧﺴَﻬﺎ ﻋﻘﻠُﻚ ﻭﺃﻟِﻔَﺘْﻬﺎ ﻓﻠﺴﻔَﺘُﻚ، ﺗﺮﺍﻫﺎ ﺧﻠﻒ ﻣﺎ ﻧﺴﺠﻬﺎ ﻋﻠﻤُﻚ ﻭﺣﻜﻤﺘُﻚ ﻣﻦ ﺣُﺠﺐ، ﺗﺮﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺻﺒﻐﺔ ﺃﻋﻄَﺘْﻬﺎ ﺇﻳﺎﻫﺎ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘُﻚ.

ﻭﻫﺬﺍ ﺻﺪﻳﻘﻜﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑــ«ﺍﻟﺮﺷﺤﺔ» ﻓﻘﻴﺮ، ﻋﺪﻳﻢُ ﺍﻟﻠﻮﻥ، ﻳﺘﺒﺨﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺑﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻳﺪﻉُ ﺃﻧﺎﻧﻴَﺘﻪ ﻭﻳﻤﺘﻄﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭَ ﻓﻴﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮ، ﻳﻠﺘﻬﺐ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﺩﺓ ﻛﺜﻴﻔﺔ ﺑﻨﺎﺭ ﺍﻟﻌﺸﻖ، ﻳﻨﻘﻠﺐُ ﺑﺎﻟﻀﻴﺎﺀ ﻧﻮﺭﺍ، ﻳﻤﺴﻚ ﺑﺸﻌﺎﻉ ﺻﺎﺩﺭ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﻭﻳﻘﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ.

ﻓﻴﺎ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﺮﺷﺤﺔ! ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻓﻜﻦ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺷﺌﺖَ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ، ﻓﻴﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺠﺪ ﻧﺎﻓﺬﺓً ﻧﻈّﺎﺭﺓ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﺗﻄﻞّ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ. ﻓـلا ﺗﻌﺎﻧﻲ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﺇﺫ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻭﺻﺎﻓَﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﻴﺒﺔ ﺑـلا ﺗﺮﺩﺩ، ﻓـلا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻤﺴﻚ ﻳﺪَﻙ ﻭﻳﻜﻔّﻚ ﺷﻲﺀ ﻗﻄﻌﺎ ﻋﻦ ﺇﺳﻨﺎﺩ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺬﻫﻠﺔ ﻟﺴﻠﻄﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺬﺍﺗﻴﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻓـلا ﻳﺤﻴِّﺮُﻙ ﺿﻴﻖُ ﺍﻟﺒﺮﺍﺯﺥ ﻭلا ﻗﻴﺪُ ﺍﻟﻘﺎﺑﻠﻴﺎﺕ ﻭلا ﺻﻐﺮُ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ، ﻭلا ﻳﺴﻮﻗﻚ ﺇﻟﻰ ﺧـلاﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، لأﻧﻚ ﺻﺎﻑٍ ﻭﺧﺎﻟﺺ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﻘﺪ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺸﺎﻫَﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﻭﻳُﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ ﻟﻴﺲ ﺷﻤﺴﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻠﻮﻧﺔ. ﻭﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍلاﻧﻌﻜﺎﺳﺎﺕ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺩلاﺋﻞ ﻭﻋﻨﺎﻭﻳﻦ ﻟﻬﺎ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﻟﻜﻦ لا ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺗُﻈﻬﺮ ﺁﺛﺎﺭَ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ.

ﻓﻔﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻤﻤﺘﺰﺝ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻳُﺴﻠَﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺑﻄﺮﻕ ﺛـلاﺛﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻓﻬﻢ ﻳﺘﺒﺎﻳﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﺰﺍﻳﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﻭﻓﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ، ﺇلا ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺘﻔﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍلإﺫﻋﺎﻥ ﻟﻠﺤﻖ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.

ﻫﺬﺍ، ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﻟﻴﻠﻴﺎ ﻟﻢ ﻳﺸﺎﻫِﺪ ﺍﻟﺸﻤﺲَ ﺃﺻـلا، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﻇـلاﻟَﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﻘﻤﺮ، لا ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻤﻜّﻦ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﻫﻴﺒﺔَ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻭﺟﺎﺫﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﻠﺪ ﻣَﻦ ﺭﺁﻫﺎ ﻭﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻬﻢ؛ ﻛﺬﻟﻚ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﺎﻟﻮﺭﺍﺛﺔ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔَ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ لاﺳﻤَﻲ «ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ» ﻭ«ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ» ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﺍلأﻋﻈﻢ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﻳﻘﺒﻠﻬﺎ ﺗﻘﻠﻴﺪﺍ، ﻗﺎﺋـلا: ﺇﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ. لأﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﻟﺘﺠﻠﻲ ﺍلاﺳﻢ ﺍلأﻋﻈﻢ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻟﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ. ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺮﻕَ ﻧﻈﺮُﻩ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﻳﻀﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻣَﻦ ﻧﻔﺬ ﻓﻜﺮُﻩ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺳﻬﻠﺔً ﻛﺴﻬﻮﻟﺔ ﺗﻌﺎﻗﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﻴﻒ، ﻓﻴﺮﺿﻰ ﺑﻬﺎ ﻣﻄﻤﺌﻦّ ﺍﻟﻘﻠﺐ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ، ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥُ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺤﺸﺮَ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻓﻲ ﺃﻛﻤﻞ ﺗﻔﺼﻴﻞ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺮﺷﺪ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍلأﻋﻈﻢ صلى الله عليه وسلم ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻈﻲَ ﺑﺄﻧﻮﺍﺭ ﺍلاﺳﻢ ﺍلأﻋﻈﻢ. ﺃﻣﺎ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀُ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻴﻨﻮﺍ ﺍﻟﺤﺸﺮ ﻓﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﺩﺭﺟﺔ ﻭﺃﻭﺳﻊ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺑﻞ ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍلإﺟﻤﺎﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺣﻜﻤﺔ ﺍلإﺭﺷﺎﺩ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻣﻤُﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ.

ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻢ ﻳﺮَ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺘﻪ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺃﻭ ﻋﺠﺰﻭﺍ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺒﻴّﻨﻮﻩ ﻫﻜﺬﺍ.

ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﺩﺭﺟﺎﺕُ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ.

ﻭﺍلآﻥ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، لأﻧﻪ ﻳُﺸﻌﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪٍ ﻣﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺇﺫ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺟﺪﺍ ﻭﻋﻤﻴﻘﺔ ﺟﺪﺍ، ﻭلا ﻧﺘﺪﺧﻞ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻮﻕ ﺣﺪّﻧﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻭﺑﻤﺎ لا ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ ﺑﻪ.