ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿ﻭَﺍِﻥْ ﻣِﻦْ ﺷَﻲﺀٍ ﺍِلا ﻳُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻩِ﴾

 «ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﺑﻌﺜَﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻤﻴﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻬﻮﺩ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ»

    ……..

ﺛﺎﻧﻴﺎً:

ﺇﻥَّ ﺗﻮﻓﻴﻘﻜﻢ ﻭﻧﺠﺎﺣَﻜﻢ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﺍلأﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﻧﺸﺎﻃَﻜﻢ ﻭﺷﻮﻗﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺇﻟﻬﻲ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻛﺮﺍﻣﺔٌ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﻋﻨﺎﻳﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ. ﺃﻫﻨﺌﻜﻢ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ. ﻭﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍلإﻛﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺳﺄﺫﻛﺮ ﻓﺮﻗﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﺍلإﻛﺮﺍﻡ ﻭﻫﻮ ﺍلآﺗﻲ:

ﺇﻥ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻓﻴﻪ ﺿﺮﺭ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺇﻇﻬﺎﺭُ ﺍلإﻛﺮﺍﻡ ﺗﺤﺪّﺙٌ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ. ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺘﺸﺮﻑ ﺑﺎﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺻﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺃﻣﺮ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻭﻫﻮ ﻳﻌﻠﻢ، ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺻﺪﻭﺭُ ﺫﻟﻚ ﺍلأﻣﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺟﺎً ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻔﺴُﻪ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻗﻴﺔً، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻋﺠﺎﺑُﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻭﺍلاﻋﺘﻤﺎﺩُ ﻋﻠﻰ ﻛﺸﻔﻪ ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻝُ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﻭﺭ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻥْ ﺻﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﺃﻣﺮٌ ﺧﺎﺭﻕ ﺩﻭﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﺷﻌﻮﺭﻩ، ﻛﻤﻦ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺤﻤﻞ ﺳﺆﺍلا ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ، ﻓﻴﺠﻴﺐ ﻋﻨﻪ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً ﻣﻦ ﻧﻮﻉ ﺍلإﻧﻄﺎﻕ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﺈﻧﻪ لا ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﺇﺩﺭﺍﻛﻪ ﺍلأﻣﺮ، ﺑﻞ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺛﻘﺘُﻪ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺍﻃﻤﺌﻨﺎﻧُﻪ ﺇﻟﻴﻪ، ﻗﺎﺋـلا: ﺇﻥ ﻟﻲ ﺣﻔﻴﻈﺎً ﺭﻗﻴﺒﺎً ﻳﺘﻮلاﻧﻲ ﺑﺎﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻲ. ﻓﻴﺰﻳﺪ ﺗﻮﻛُّﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘِﺴﻢ، ﻛﺮﺍﻣﺔٌ لا ﺧﻄﻮﺭﺓَ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺻﺎﺣﺒُﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺈﺧﻔﺎﺋﻬﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻟّﺎ ﻳﺴﻌﻰ ﻗﺼﺪَ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻟﻠﻔﺨﺮ، لأﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﻨﺴﺐ ﺫﻟﻚ ﺍلأﻣﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﺇﺫ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.

ﺃﻣﺎ ﺍلإﻛﺮﺍﻡ ﻓﻬﻮ ﺃﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﺴﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻱ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻨﻪ ﻭﺃﺳﻤﻰ. ﻓﺈﻇﻬﺎﺭﻩ ﺗﺤﺪﺙ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ، لأﻥ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﻛﺴﺐ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ. ﻓﺎﻟﻨﻔﺲ لا ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺴﻨﺪﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﺇﻥ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘُﻪ ﻭﻛﺘﺒﺘُﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﻦ ﺇﺣﺴﺎﻧﺎﺕ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺼﻚ ﻭﻳﺨﺼﻨﻲ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻨﺎ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﻛﺮﺍﻡ ﺇﻟﻬﻲ، ﺇﻇﻬﺎﺭُﻩ ﺗﺤﺪُّﺙٌ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺃﻛﺘﺐ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺍلإﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﺤﺪّﺙ ﺑﺎﻟﻨﻌﻤﺔ. ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﺮّﻙ ﻓﻴﻜﻢ ﻋِﺮﻕ ﺍﻟﺸﻜﺮ لا ﺍﻟﻔﺨﺮ.

ﺛﺎﻟﺜﺎً:

ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺃﺳﻌﺪ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻠﻘﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻀﻴﻒَ ﺟﻨﺪﻳﺔ ﻭﻳﺬﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﻜﺬﺍ، ﻭﻳﻌﻤﻞ ﻭﻓﻖ ﺫﻟﻚ. ﻓﻬﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻠﻘﻲ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻝ ﺃﻋﻈﻢَ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻳﺤﻈﻰ ﺑﻬﺎ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔُ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺇﺫ لا ﻳﻤﻨﺢ ﻗﻴﻤﺔَ ﺍلأﻟﻤﺎﺱ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻟﻘِﻄﻊ ﺯﺟﺎﺟﻴﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ، ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻞ ﺣﻴﺎﺗَﻪ ﺗﻤﻀﻲ ﺑﻬﻨﺎﺀ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻗﻄﻊ ﺯﺟﺎﺟﻴﺔ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻜﺴﺮ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﺺ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻫﻲ ﺑﻘﻴﻤﺔ ﺍلأﻟﻤﺎﺱ ﺍﻟﻤﺘﻴﻦ ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ.

ﻓﻤﺎ ﻓﻲ ﻓﻄﺮﺓ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﻏﺒﺔ ﻣُﻠﺤَّﺔ ﻭﻣﺤﺒﺔٍ ﺟﻴﺎﺷﺔ ﻭﺣﺮﺹٍ ﺭﻫﻴﺐ ﻭﺳﺆﺍﻝ ﺷﺪﻳﺪ ﻭﺃﺣﺎﺳﻴﺲ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ، ﻭﻫﻲ ﺃﺣﺎﺳﻴﺲ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻭﻋﺮﻳﻘﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﻭُﻫﺒﺖْ ﻟﻪ ﻟﻴﻐﻨَﻢ ﺑﻬﺎ ﺃﻣﻮﺭﺍً ﺃُﺧﺮﻭﻳﺔ. ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺣﺎﺳﻴﺲ ﻭﺑﺬﻟﻬﺎ ﺑﺸﺪﺓ ﻧﺤﻮ ﺃﻣﻮﺭ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﻓﺎﻧﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻗﻴﻤﺔ ﺍلأﻟﻤﺎﺱ ﻟﻘﻄﻊ ﺯﺟﺎﺟﻴﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ.

ﻭﻟﻘﺪ ﻭﺭﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻘﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺎﻃﺮﻱ ﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﺴﺄﺫﻛﺮﻫﺎ ﻟﻜﻢ، ﻭﻫﻲ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﻣﺤﺒﺔٌ ﻗﻮﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ، ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﻮﺑﺎﺕ ﻓﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﺇﻣَّﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒَﻪ ﻓﻲ ﻋﺬﺍﺏ ﺃﻟﻴﻢ ﻣﻘﻴﻢ، ﺃﻭ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﻟﻴﺘﺤﺮﻯ ﻋﻦ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺣﻴﺚ لا ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻌﺸﻖ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺇﻟﻰ ﻋﺸﻖ ﺣﻘﻴﻘﻲ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻔﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺃُﻟﻮﻑٌ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﺎﺳﻴﺲ، ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﺮﺗﺒﺘﺎﻥ، ﻛﺎﻟﻌﺸﻖ، ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﻣﺠﺎﺯﻳﺔ، ﻭﺍلأﺧﺮﻯ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ.

ﻓﻤﺜـلا: ﺍﻟﻘﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻫﺬﺍ ﺍلإﺣﺴﺎﺱ ﻣﻮﺟﻮﺩٌ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻠﻖ ﻗﻠﻘﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻪ لا ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻬﺪﺍً ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﺍلأﻣﺪ ﻣﻜﻔﻮﻝ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﻣﻦ ﻗﺒَﻞ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ، ﻓﺈﺫﻥ لا ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﺼﺮﻑ ﻭﺟﻬَﻪ ﻋﻨﻪ، ﻣﺘﻮﺟﻬﺎً ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻣﺪﻳﺪ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳُﻜﻔَﻞ ﻟﻠﻐﺎﻓﻠﻴﻦ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻳُﺒﺪﻱ ﺣﺮﺻﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺠﺎﻩ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻣﺎﻧﺔ ﺑﻴﺪﻩ ﻣﺆﻗﺘﺎً، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻣﺪﺍﺭُ ﺷﻬﺮﺓ ﺫﺍﺕ ﺑـلاﺀ، ﻭﻣﺼﺪﺭُ ﺭﻳﺎﺀ ﻣﻬﻠﻚ، لا ﻳﺴﺘﺤﻘﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ. ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻳﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻭﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻘُﺮﺏ ﺍلإﻟﻬﻲ ﻭﺯﺍﺩ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﻳﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ. ﻓﻴﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺧـلاﻕٌ ﺫﻣﻴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺹ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﺧـلاﻕ ﺣﻤﻴﺪﺓ ﺳﺎﻣﻴﺔ.

ﻭﻣﺜـلا: ﻳﻌﺎﻧﺪ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﻳﺜﺒﺖ ﻭﻳﺼﺮّ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ ﻓﺎﻧﻴﺔ ﺛﻢ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻧﻪ ﻳﺼﺮّ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ ﺳَﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻮ لا ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺇﺻﺮﺍﺭ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻓﻠﻴﺲ ﺇﻟَّﺎ ﺍلإﺻﺮﺍﺭ ﻭﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺭﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻣُﻬﻠﻜﺔ ﻭﻣﻀﺮﺓ ﺑﻪ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺲ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﻮﻫﺐ ﻟﻪ ﻟﻴﺒﺬﻝ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ، ﻭﺇﻥ ﺻﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﻝ ﻣﻨﺎﻑ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﺗﺮﺍﻩ ﻳﻮﺟﻪ ﺛﺒﺎﺗﻪ ﻭﺇﺻﺮﺍﺭَﻩ ﻭﻋﻨﺎﺩﻩ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻭﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﺭﻓﻴﻌﺔ ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍلأﺳﺲ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ ﻭﺍلأﻋﻤﺎﻝ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺍﻟﺤﺲُّ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﻠﻌﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺧﺼﻠﺔ ﻣﺮﺫﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺼﻠﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﺳﺠﻴﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﻨﺎﺩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻏِﺮﺍﺭ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﻓﺈﻥ ﺍلأﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻤﻨﻮﺣﺔ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻏﺎﻓـلا ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻣُﺨﻠَّﺪ ﻓﻴﻬﺎ؛ ﺗﺼﺒﺢ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ ﻣﻨﺎﺑﻊ ﺃﺧـلاﻕ ﺩﻧﻴﺌﺔ ﻭﻣﺼﺎﺩﺭ ﺇﺳﺮﺍﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻭﻣﻨﺸﺄَ ﻋﺒﺜﻴﺔٍ لا ﻃﺎﺋﻞ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻭﺟّﻪ ﺃﺣﺎﺳﻴﺴﻪ ﺗﻠﻚ، ﺍﻟﺨﻔﻴﻔﺔَ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓَ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﺒﻰ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻭﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻨﺸﺄ ﻟـلأﺧـلاﻕ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﻭﺳﺒﻴـلا ﻣﻤﻬﺪﺍً ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ ﻭﻣﻨﺴﺠﻤﺎً ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎً ﺗﺎﻣﺎً ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.

ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻧﻲ ﺃﺧﺎﻝ ﺃﻥ ﺳﺒﺒﺎً ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻋﺪﻡ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺻﺤﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻫﻮ: ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﺴﻴﺌﻲ ﺍﻟﺨُﻠﻖ: لا ﺗﺤﺴُﺪﻭﺍ. لا ﺗﺤﺮﺻﻮﺍ. لا ﺗﻌﺎﺩﻭﺍ. لا ﺗﻌﺎﻧﺪﻭﺍ. لا ﺗﺤﺒُّﻮﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﻏﻴّﺮﻭﺍ ﻓﻄﺮﺗﻜﻢ. ﻭﻫﻮ ﺗﻜﻠﻴﻒ لا ﻳﻄﻴﻘﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻟﻬﻢ: ﺍﺻﺮﻓﻮﺍ ﻭُﺟُﻮﻩَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻏﻴّﺮﻭﺍ ﻣﺠﺮﺍﻫﺎ، ﻓﻌﻨﺪﺋﺬ ﺗﺠﺪﻱ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻭﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻩ.

ﺭﺍﺑﻌﺎً:

ﻟﻘﺪ ﺩﺍﺭ ﺑﻴﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍلإﺳـلاﻡ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﺑﺤﺚٌ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﺑﻴﻦ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍلإﺳـلاﻡ. ﻓﻘﺎﻝ ﻗﺴﻢ: ﻛـلاﻫﻤﺎ ﻭﺍﺣﺪ. ﻭﺁﺧﺮﻭﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺇﻧﻬﻤﺎ ﻟﻴﺴﺎ ﻭﺍﺣﺪﺍً، ﺑﻞ لا ﻳﻨﻔﻚ ﺃﺣﺪُﻫﻤﺎ ﻋﻦ ﺍلآﺧﺮ. ﻭﺃﻭﺭﺩﻭﺍ ﺁﺭﺍﺀً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ ﻟﻬﺬﺍ. ﻭﻗﺪ ﻓﻬﻤﺖ ﻓﺮﻗﺎً ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻛﻬﺬﺍ:

ﺇﻥ ﺍلإﺳـلاﻡ ﺍﻟﺘﺰﺍﻡٌ، ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺇﺫﻋﺎﻥ. ﺃﻭ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ ﺁﺧﺮ: ﺍلإﺳـلاﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﻮلاﺀ ﻟﻠﺤﻖ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻭﺍلاﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻪ. ﺃﻣﺎ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻓﻬﻮ ﻗﺒﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻪ.

ﻭﻟﻘﺪ ﺭﺃﻳﺖ -ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ- ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻤﻦ لا ﺩﻳﻦ ﻟﻬﻢ ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻭلاﺀً ﺷﺪﻳﺪﺍً لأﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ﻗﺪ ﻧﺎﻝ ﺇﺳـلاﻣﺎً ﺑﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﺍﻟﺤﻖَ، ﻓﻴُﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻣﺴﻠﻢ ﺑـلا ﺩﻳﻦ. ﺛﻢ ﺭﺃﻳﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ لا ﻳﻈﻬﺮﻭﻥ ﻭلاﺀً لأﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭلا ﻳﻠﺘﺰﻣﻮﻥ ﺑﻬﺎ، ﺃﻱ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ: ﻣﺆﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻠﻢ.

ﺗُﺮﻯ ﺃﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻳﻤﺎﻥٌ ﺑـلا ﺇﺳـلاﻡ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍلإﺳـلاﻡ ﺑـلا ﺇﻳﻤﺎﻥ لا ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺐَ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ، ﻛﺬﻟﻚ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺑـلا ﺇﺳـلاﻡ لا ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ.

ﻓﻠﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﻤﻨﺔ، ﺃﻥ ﻣﻮﺍﺯﻳﻦ «ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ» ﻗﺪ ﺑﻴّﻨﺖ ﺛﻤﺮﺍﺕِ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍلإﺳـلاﻣﻲ ﻭﺣﻘﺎﺋﻖَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﻧﺘﺎﺋﺠﻬﻤﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎً ﺷﺎﻓﻴﺎً ﻭﺍﻓﻴﺎً -ﺑﻔﻴﺾ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ- ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ لا ﺩﻳﻦ ﻟﻪ لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮَ ﻣﻮﺍﻝٍ ﻟﻬﺎ.

ﻭﻗﺪ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺩلاﺋﻞَ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍلإﺳـلاﻡ ﻭﺑﺮﺍﻫﻴﻨَﻬﻤﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻗﻮﻳﺔً ﺭﺍﺳﺨﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻟﻮ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺼﺪّﻕ ﺑﻬﺎ لا ﻣﺤﺎﻟﺔ، ﻭﻳﺆﻣﻦ ﺑﻬﺎ ﺭﻏﻢ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍلإﺳـلاﻡ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻗﺪ ﻭﺿّﺤﺖ ﺛﻤﺎﺭ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍلإﺳـلاﻡ ﺗﻮﺿﻴﺤﺎً ﺟﻤﻴـلا ﺣﻠﻮﺍً، ﻛﺠﻤﺎﻝ ﺛﻤﺎﺭ ﻃﻮﺑﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻟﺬﺗﻬﺎ، ﻭﺃﻭﺿﺤﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠَﻬﻤﺎ ﺍﻟﻴﺎﻧﻌﺔ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻛﺄﻃﺎﻳﺐ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺪﺍﺭﻳﻦ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻤﻨﺢ ﻛﻞَّ ﻣﻦ ﺭﺁﻫﺎ ﻭﺍﻃَّﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﺮﻓﻬﺎ ﺷﻌﻮﺭَ ﺍﻟﻮلاﺀ ﻭﺍلاﻧﺤﻴﺎﺯ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ. ﺑﻞ ﺃﻇﻬﺮﺕ ﺑﺮﺍﻫﻴﻦَ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍلإﺳـلاﻡ ﻗﻮﻳﺔً ﺭﺍﺳﺨﺔ ﺭﺳﻮﺥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻛﺜﻴﺮﺓ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ، ﻓﻴﻌﻄﻲ ﻣﻦ ﺍلإﺫﻋﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﺥ ﻣﺎ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ. ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻨﻲ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﺮﺃ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺍﺩ ﺍﻟﺸﺎﻩ ﺍﻟﻨﻘﺸﺒﻨﺪ، ﻭﺃﻗﻮﻝ: «ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻧﺤﻴﺎ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻧﻤﻮﺕ ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻧُﺒﻌﺚ ﻏﺪﺍً» ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍلاﻟﺘﺰﺍﻡ، ﺑﺤﻴﺚ لا ﺃﺿﺤﻲ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﻮ ﺃُﻋﻄﻴﺖُ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ. لأﻥ ﺍﻓﺘﺮﺍﺽ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻟﻴﻢ ﻋﻠﻲّ ﺃﻟﻤﺎً لا ﻳﻄﺎﻕ. ﺑﻞ ﺗﺮﺿﺦ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﺘﻌﻄﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ -ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻲ- ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ. ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ: «ﻭﺁﻣﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﺃﺭﺳﻠﺖَ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ، ﻭﺁﻣﻨﺎ ﺑﻤﺎ ﺃﻧـﺰﻟﺖَ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ، ﻭﺻﺪّﻗﻨﺎ» ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻘﻮﺓ ﺇﻳﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ لا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻟﻬﺎ، ﻭﺃَﻋُﺪُّ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺃﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻣﺤﺎلا ﻋﻘﻠﻴﺎً، ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺒـلاﻫﺔ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﻥ.

ﺑﻠّﻎ ﺳـلاﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻟﺪﻳﻚ ﻣﻊ ﻭﺍﻓﺮ ﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﺭﺝُ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻲ، ﻭﻟﻜﻮﻧﻚ ﺃﺧﻲ ﻓﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﻭﺍﻟﺪﻱّ ﺃﻳﻀﺎً. ﺑﻠّﻎ ﺳـلاﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻞ ﻗﺮﻳﺘﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً. ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻟـ«ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻣﻨﻚ.

 ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻫﻮ الباقي

 ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ