ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒﺤَﺎﻧَﻪُ

﴿ﻭَﺍِﻥْ ﻣِﻦْ ﺷَﻲﺀٍ ﺍِلا ﻳُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻩِ﴾

    ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﺃﺑﺪﺍً ﺩﺍﺋﻤﺎً.

ﺇﺧﻮﺗﻲ ﺍلأﻋﺰﺍﺀ!

ﻟﻘﺪ ﺃَﺑﻠﻐﺘﻢ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆَ ﺗﻮﻓﻴﻖ ﺍﻟﺸﺎﻣﻲ ﻟﻴﻘﻮﻝ ﻟﻲ ﻣﺴﺄﻟﺘﻴﻦ ﻫﻤﺎ:

ﺃﻭلا: ﺇﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﻴﻦ، ﻳﺠﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﺝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﺑﺰﻳﻨﺐ ﻣﻮﺿﻊَ ﻧﻘﺪ ﻭﺍﻋﺘﺮﺍﺽ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺩَﺃْﺏُ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻘﻴﻦ ﻓﻲ ﺳﺎﻟﻒ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ. ﺇﺫ ﻳﻌﺪُّﻭﻧﻪ ﺯﻭﺍﺟﺎً ﻣﺒﻨﻴّﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺩﻭﺍﻓﻊ ﻧﻔﺴﺎﻧﻴﺔ

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﻭﻛـلا! ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ ﻛـلا! ﺇﻥَّ ﻳﺪ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻓﻠﺔ ﺃَﺣﻂُّ ﻣﻦ ﺃَﻥْ ﺗﺒﻠﻎ ﻃﺮﻓﺎً ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻣﺎﻟﻜﺎً ﻟﺬﺭﺓ ﻣﻦ ﺍلإﻧﺼﺎﻑ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ صلى الله عليه وسلم ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻐﻠﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﺗﻠﺘﻬﺐ ﺍﻟﻬَﻮَﺳَﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻗﺪ ﺍﻟﺘﺰﻡ ﺑﺎﻟﻌﺼﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ، ﺑﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍلأﻋﺪﺍﺀ ﻭﺍلأﺻﺪﻗﺎﺀ، ﻭﺍﻛﺘﻔﻰ ﺑﺰﻭﺟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺷُﺒﻪ ﻋﺠﻮﺯ، ﻭﻫﻲ ﺧﺪﻳﺠﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ. ﻓـلاﺑﺪَّ ﺃﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺯﻭﺍﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻌﻔﻴﻒ صلى الله عليه وسلم ﺑﻌﺪ ﺍلأﺭﺑﻌﻴﻦ -ﺃﻱ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻮﻗﻒ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻬَﻮَﺳَﺎﺕ- ﻟﻴﺴﺖ ﻧﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﺪﺍﻫﺔ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣِﻜﻢ ﻣﻬﻤَّﺔ، ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﻫﻲ:

ﺇﻥَّ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻭﺃﻓﻌﺎﻟَﻪ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃَﻃﻮﺍﺭﻩ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗِﻪ ﻭﺳﻜﻨﺎﺗِﻪ، ﻫﻲ ﻣﻨﺒﻊ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﻣﺼﺪﺭ ﺍلأﺣﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ.

ﻭﻟﻘﺪ ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﻜﺎﻡ ﻭﺣﻤﻠﻮﺍ ﻣﻬﻤﺔ ﺗﺒﻠﻴﻎ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ صلى الله عليه وسلم. ﺃﻣﺎ ﺃَﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣﻦ ﺃَﺣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻤﺨﻔﻴﺔ ﻋﻨﻬﻢ، ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ، ﻓﺈﻥ ﺭﻭﺍﺗﻬﺎ ﻭﺣﺎﻣﻠﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﺯﻭﺟﺎﺗُﻪ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﺍﺕ، ﻓﻘﺪ ﺃﺩَّﻳْﻦَ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺣﻖ ﺍلأﺩﺍﺀ. ﺑﻞ ﺇﻥ ﻣﺎ ﻳﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﻦ.

ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻳﻠﺰﻡ ﻟﻬﺎ ﺯﻭﺟﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺍﺕ، ﻭﺫﻭﺍﺕ ﻣﺸﺎﺭﺏ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺬﻟﻚ.

ﺃﻣﺎ ﺯﻭﺍﺟﻪ صلى الله عليه وسلم ﺑﺰﻳﻨﺐ، ﻓﻘﺪ ﺫُﻛﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺎﻉ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻠﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ ﻣﻦ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ»، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (ﺍلأﺣﺰﺍﺏ:40)، ﺃﻥ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﺗﻔﻴﺪ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﺑﻮﺟﻮﻩ ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﺣﺴﺐ ﻓﻬﻢ ﻃﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ.

ﻓﺤﺼﺔ ﻃﺒﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ:

ﺃﻥَّ ﺯﻳﺪﺍً ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣَﻮْﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى الله عليه وسلم، ﻭﻳَﺤﻈﻰ ﺑﺨﻄﺎﺑﻪ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺑﻨﻲ! ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻔﻮﺍً ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻄﻠﻘﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ، ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩﺕ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ، ﻭﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺮﺍﻓﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﺯﻳﻨﺐ ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ، ﻗﺪ ﺧُﻠﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺁﺧﺮ ﻣﻦ ﺍلأﺧـلاﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻓﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﺯﻳﺪ ﺑﻔﺮﺍﺳﺘﻪ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻄﺮﺓ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺗﻠﻴﻖ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺯﻭﺟﺔ ﻧﺒﻲ. ﺣﻴﺚ ﻭﺟﺪ ﻧﻔﺴَﻪ ﻏﻴﺮ ﻛﻔﺆ ﻟﻬﺎ ﻓﻄﺮﺓ، ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﺍلاﻣﺘﺰﺍﺝ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻭﺍلاﻧﺴﺠﺎﻡ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻓﻄﻠّﻘﻬﺎ، ﻭﺗﺰﻭﺟﻬﺎ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﺑﺄﻣﺮ ﺇﻟﻬﻲ.

ﻓﺎلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿زَوَّجْنَاكَهَا﴾ (ﺍلأﺣﺰﺍﺏ:37) ﺗﺪﻝ ﺑﺈﺷﺎﺭﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻜﺎﺡ ﻗﺪ ﻋُﻘﺪ ﺑﻌﻘﺪ ﺳﻤﺎﻭﻱ، ﻓﻬﻮ ﻋﻘﺪ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ، ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﻌُﺮﻑ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻣـلاﺕ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻳﺔ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﻋﻘﺪٌ ﻋُﻘِﺪ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍلإﻟﻬﻲ ﺍﻟﻤﺤﺾ، ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻘﺎﺩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻣﻀﻄﺮﺍً ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﺮﻏﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ.

ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻘﺪَﺭﻱ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺣُﻜﻤﺎً ﺷﺮﻋﻴﺎً ﻣﻬﻤﺎً ﻭﺣﻜﻤﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻭﻣﺼﻠﺤﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ.

ﻓﺒﺈﺷﺎﺭﺓ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾ (ﺍلأﺣﺰﺍﺏ:37). ﺃﻥ ﺧﻄﺎﺏ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻟﻠﺼﻐﺎﺭ ﺑـ: ﻳﺎ ﺑﻨﻲ! ﻟﻴﺲ ﺣﺮﺍﻣﺎً، ﺇﺫ لا ﻳﻐﻴﺮ ﺍلأﺣﻜﺎﻡ ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫِﺮ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ (ﺃﻱ ﻗﻮﻟﻪ: ﺃﻧﺖِ ﻋﻠﻲّ ﻛﻈﻬﺮ ﺃﻣﻲ).

ﻭﻛﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻟﺪﻯ ﺧﻄﺎﺑﻬﻢ لأﻣﺘﻬﻢ ﻭﻟﺮﻋﺎﻳﺎﻫﻢ، ﻭﻟﺪﻯ ﻧﻈﺮﻫﻢ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻧﻈﺮ ﺍلأﺑﻮﺓ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺮﻡ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻣﻨﻬﻢ.

ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﻫﻜﺬﺍ:

ﺇﻥَّ ﺳﻴﺪﺍً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻭﺁﻣﺮﺍً ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻳﺎﻩ ﻧﻈﺮ ﺍلأﺑﻮﺓ. ﺃﻱ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺷﻔﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍلآﻣﺮ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎً ﺭﻭﺣﺎﻧﻴﺎً، ﻇﺎﻫﺮﺍً ﻭﺑﺎﻃﻨﺎً، ﻓﺮﺣﻤﺘُﻪ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻋﻦ ﺷﻔﻘﺔ ﺍلأﺏ ﺃﺿﻌﺎﻓﺎً ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ. ﻭﺍلأﻓﺮﺍﺩ ﺑﺪﻭﺭﻫﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ، ﻛﺄﻧﻬﻢ ﺃﻭلاﺩ ﺣﻘﻴﻘﻴﻮﻥ ﻟﻪ، ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻧﻈﺮ ﺍلأﺑﻮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﺍﻧﻘـلاﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺰﻭﺝ، ﻭﻧﻈﺮ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺃﻳﻀﺎً لا ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺟﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔُ ﺣﺮﺟﺎً ﻓﻲ ﺗﺰﻭﺝ ﺍﻟﻨﺒﻲ صلى الله عليه وسلم ﺑﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺼﺤﺢ ﻣﻔﺎﻫﻴﻤﻬﻢ ﻗﺎﺋـلا:

ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻳﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﻳﻌﺎﻣﻠﻜﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍلأﺏ، ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻛﺎلأﺑﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮﺳﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺃﺑﺎﻛﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻟﻜﻲ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﺤﺮﺝُ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺮ: ﺃﻣﺮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ. ﻭﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺧﺎﻃﺒﻜﻢ ﺑﻴﺎ ﺃﺑﻨﺎﺋﻲ ﻭﺃﻭلاﺩﻱ ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻟﺴﺘﻢ ﺃﻭلاﺩَﻩ ﻭﻓﻖ ﺍلأﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﻓـلا ﺗﻜﻮﻧﻮﻥ ﺃﻭلاﺩﻩ ﻓﻌـلا.

 ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ

 ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ