ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ: [ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ]
ﺃﻱ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻜﻤﺎلاﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺳﺒﺐُ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻛﺎﻓﺔ، ﺗﺨﺼّﻪ ﻭﺣﺪَﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺤﻤﺪ ﺃﻳﻀﺎً ﻟﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻓﻜﻞُّ ﻣﺎ ﺻﺪﺭ ﻭﻣﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻦ ﻣﺪﺡ ﻭﺛﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﺍلأﺯﻝ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺑﺪ، ﻭﻣﻤﻦ ﺻﺪﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﻭﻗﻊ، ﻳﺨﺼُّﻪ ﻭﺣﺪﻩ. لأﻥَّ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺳﺒﺐُ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﻣﻦ ﻛﻤﺎﻝ ﻭﺟﻤﺎﻝ ﻭﻣﻦ ﻧﻌﻢ ﻭﺁلاﺀ ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻟﺤﻤﺪ، ﻫﻮ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻳﺨﺼّﻪ ﻭﺣﺪﻩ.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﻣﺎ ﻳﺼﻌﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺩﻭﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻋﺒﻮﺩﻳﺔٌ ﻭﺗﺴﺒﻴﺢ ﻭﺳﺠﻮﺩ ﻭﺩﻋﺎﺀ ﻭﺣﻤﺪٌ ﻭﺛﻨﺎﺀ، ﺗﺼﻌﺪ ﻛﻠُّﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ. ﻛﻤﺎ ﻳُﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍلإﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ. ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪﻳﺔ:
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻧﺸﺎﻫﺪﻩ ﻛﺒﺴﺘﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ، ﺳﻘﻔُﻪ ﻣﺮﺻّﻊ ﺑﺎﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻭﺃﺭﺿُﻪ ﺯُﻳّﻨﺖ ﺑﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺯﺍﻫﻴﺔ.. ﻓﻬﺬﻩ ﺍلأﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍلأﺭﺿﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺰﻳﻨﺔ، ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻛﻞٌّ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ، ﻭﺟﻤﻴﻌُﻬﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻣﻌﺎً:
ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕُ ﻗﺪﺭﺓ ﻗﺪﻳﺮ ﺟﻠﻴﻞ، ﻧﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺔ ﺧﺎﻟﻖ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﺻﺎﻧﻊ ﻗﺪﻳﺮ.
ﻭﻓﻲ ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﺬﺍ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ ﻧﺮﻯ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺮﻭﺿﺔ ﻧﺜﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلآلاﻑ ﻣﻦ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍلأﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﻭﺍلأﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺌﺎﺕ ﺍلآلاﻑ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ. ﻓﺠﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺰﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﺭﻭﺿﺔ ﺍلأﺭﺽ، ﺗﻌﻠﻦ ﺑﺼﻮﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﻨﺘﻈﻤﺔ ﻭﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺯﻭﻧﺔ:
ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕُ ﺻﺎﻧﻊ ﻭﺍﺣﺪ ﺣﻜﻴﻢ ﻭﺧﻮﺍﺭﻗﻪ ﻭﺃﺩﻟّﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻭﺣﺪﺍﻧﻴﺘﻪ ﻭﺷﻬﺪﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ﻭﻛﺬﺍ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻗﻤﻢ ﺍلأﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﺛﻤﺎﺭَﻫﺎ ﻭﺃﺯﺍﻫﻴﺮﻫﺎ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔٌ ﺑﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺑﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.. ﻓﻜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﻭﺍلأﺯﺍﻫﻴﺮ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺗﻌﻠﻦ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﻭﺃﻟﻮﺍﻧﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ، ﺑﻠﺴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ:
ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕُ ﻫﺪﺍﻳﺎ ﺭﺣﻤﻦ ﺫﻱ ﺟﻤﺎﻝ، ﻭﺧﻮﺍﺭﻕُ ﻋﻄﺎﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ ﺫﻱ ﻛﻤﺎﻝ.
ﻓﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﺮﺍﻡ ﻭﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻭﻣﺎ ﻓﻲ ﺭﻭﺿﺔ ﺍلأﺭﺽ ﻣﻦ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ، ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﻢ ﺍلأﺷﺠﺎﺭ ﻣﻦ ﺃﺯﺍﻫﻴﺮ ﻭﺛﻤﺮﺍﺕ ﻳﺸﻬﺪ، ﺑﻞ ﻳُﻌﻠﻦ ﺑﺼﻮﺕ ﻋﺎﻝٍ ﺭﻓﻴﻊ:
ﺇﻥَّ ﺧﺎﻟﻘﻨﺎ ﻭﻣﺼﻮّﺭَﻧﺎ -ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻫﺪﺍﻧﺎ ﺇﻟﻴﻜﻢ- ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﺫﻭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻗﺪﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، لا ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲﺀ، لا ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﺷﻲﺀ ﻗﻂ. ﻓﺎﻟﻨﺠﻮﻡُ ﻭﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺳﻮﺍﺀ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺪﺭﺗﻪ، ﻭﺍﻟﻜﻠّﻲ ﺳﻬﻞٌ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻟﺠﺰﺋﻲ، ﻭﺍﻟﺠﺰﺀُ ﻧﻔﻴﺲٌ ﻛﺎﻟﻜﻞ، ﻭﺃﻛﺒﺮُ ﺷﻲﺀ ﻳﺴﻴﺮٌ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺄﺻﻐﺮﻩ، ﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺮُ ﻣﺘﻘﻦ ﺍﻟﺼﻨﻊ ﻛﺎﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺃﺑﺪﻉُ ﺇﺗﻘﺎﻧﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ. ﻓﺠﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻮﻗﻮﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﺠﺎﺋﺐُ ﻗﺪﺭﺗﻪ، ﺗﺸﻬﺪ ﺃﻥَّ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﺍلإﻣﻜﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ. ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻰ ﺑﺎلأﻣﺲ ﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﻐﺪ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﺸﺄ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺃﻳﻀﺎً، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺎﺩﺭٌ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﺍلآﺧﺮﺓ.
ﻧﻌﻢ؛ ﻛﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭَ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩُ ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﺎﻟﻤﺤﻤﻮﺩ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﺃﻳﻀﺎً ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻭﺣﺪَﻩ. ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓَ ﺧﺎﺻﺔٌ ﺑﻪ ﻭﺣﺪﻩ، ﻓﺎﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﺃﻳﻀﺎً ﻳﺨﺼّﺎﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.
ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻳﺘﺮﻙ ﻫﺬﺍ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺳﺪﻯً، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍلأﺭﺽ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ، ﻓﻴﻘﻠﺐَ ﺣﻜﻤﺘَﻪ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻋﺒﺜﺎً؟ ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ.. ﻭﻛـلا..
ﻭﻫﻞ ﻳﻌﻘﻞ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﻋﻰ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓَ، ﻭﻳﺪﺑّﺮ ﺃﻣﻮﺭَﻫﺎ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻭﻳﺮﺑّﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﻥْ ﻳﻬﻤﻞ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻏﺎﻳﺘُﻬﺎ ﻭﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﻭلا ﻳﻬﺘﻢّ ﺑﻬﺎ، ﻓﺘﺘﺸﺘﺖ ﻭﺗﺘﻔﺮﻕ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﺴﺮﺍﻕ ﻭﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻌﺒﺚ، ﻭﺗﻀﻴﻊ؟ لاﺷﻚ ﺃﻥ ﻋﺪﻡ ﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﻣﺤﺎﻝ ﻗﻄﻌﺎً، ﺇﺫ ﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﺎﻟﺸﺠﺮﺓ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ لأﺟﻞ ﺛﻤﺮﺍﺗﻬﺎ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻛﻤﻞَ ﺛﻤﺮﺍﺕِ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻭﻧﺘﻴﺠﺘَﻪ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻭﻏﺎﻳﺘَﻪ ﻫﻮ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﺻﺎﻧﻊُ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻤﺪَ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺛﻤﺮﺓُ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ.. ﻓﻴﻀﻴّﻊ ﺣﻜﻤﺘَﻪ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻭﻳُﻨﺰﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﺪﻡ.. ﺃﻭ ﻳﻘﻠﺐَ ﻗﺪﺭﺗَﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺠﺰ.. ﺃﻭ ﻳﺤﻮّﻝ ﻋﻠﻤَﻪ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﻞ؟ ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﻭﻛـلا.. ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ!
ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻞَ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪّﻣﻬﺎ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﻢ ﻣﺪﺍﺭُ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺀ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻓﻀﻠُﻬﻢ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺎﻟﻮﻫﺎ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻧﻊ ﻗﺼﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺃﻥ ﻳﺴﻤﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﻏﺎﻳﺔُ ﺍﻟﻤﻘﺎﺻﺪ، ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﺗﻌﺎﻟﻰ؟
ﻭﻫﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻣَﻦ ﻳُﺤﺒّﺐُ ﻧﻔﺴَﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﻧِﻌَﻤﻪ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗُﻌﺪ ﻭلا ﺗﺤﺼﻰ، ﻭﻳﻌﺮّﻑ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺑﻤﺎ لا ﻳُﺤﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰﺍﺕ ﺻﻨﻌﺘﻪ ﺛﻢ ﻳﺪَﻉ ﺷﻜﺮﻫﻢ ﻭﻋﺒﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﻭﺣﻤﺪﻫﻢ ﻭﻣﺤﺒﺘﻬﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻬﻢ ﻭﺭﺿﺎﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭلا ﻳﻬﺘﻢ ﺑﻬﺎ ﻓﻴﺪﻓﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﻳﻬﻮّﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ ﻭﻳﻨﺰﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﻛﺔ ﺍﻟﻌﺪﻡ؟ ﻛـلا ﺣﺎﺵ ﻟﻠﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ.
ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﺮﻳﻜﺎً ﻣَﻦ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﻋﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﻛﻠِّﻬﺎ ﻭﻋﻦ ﺧﻠﻖ ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ -ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌـلاﻣﺎﺕ- ﻋﻠﻰ ﺍلأﺭﺽ ﻛﺎﻓﺔ..ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺗﻔﺎﺣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻳﻘﺪﻣﻬﺎ ﻧﻌﻤﺔً ﺇﻟﻰ ﺃﺣﺪﻫﻢ، ﻭﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﺮﻩ؟ ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﻭﻛـلا.. لأﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻫﻮ ﺧﺎﻟﻖُ ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ. ﺇﺫ ﺍﻟﺴﻜﺔُ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺍﻟﻌـلاﻣﺔُ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺘﻔﺎﺡ ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺪ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏ ﻭﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﺤﻮﺭ ﺍﻟﺮﺯﻕ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳُﻨﻌﻢ ﺑﺄﺻﻐﺮَ ﻧﻌﻤﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺻﻐﺮ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ ﺟﺰﺋﻲ، ﻫﻮ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ لا ﻏﻴﺮُﻩ، ﻟﺬﺍ ﻓﺎﻟﺤﻤﺪ ﻭﺍﻟﺸﻜﺮ ﻳﺨﺼﺎﻧﻪ ﻭﺣﺪﻩ. ﻭﺃﻥ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﻮﻝ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ: ﻟﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍلأﺯﻝ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺑﺪ.
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺩﺳﺔ: [ﻳﺤﻴﻲ]
ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﻬﻮ ﺇﺫﻥ ﻭﺣﺪﻩ ﺧﺎﻟﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، لأﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻲ ﺭﻭﺡُ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻧﻮﺭﻩ ﻭﺧﻤﻴﺮﺗﻪ ﻭﻧﺘﻴﺠﺘُﻪ ﻭﺧـلاﺻﺘﻪ. ﻓﻤﻦ ﻭﻫﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺃﻋﻄﺎﻫﺎ ﻓﻬﻮ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ. ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻫﺬﻩ ﺑﺎلآﺗﻲ:
ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﺧﻴَﻤﺎً ﻣﻨﺼﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍلأﺭﺽ ﻛﺎﻓﺔ ﻟﺠﻴﺶ ﺫﻭﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻭﻧﺸﺎﻫﺪ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻥ ﺟﻴﺸﺎً ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻣﻦ ﺟﻴﻮﺵ لا ﺗﻌﺪ ﻭلا ﺗﺤﺼﻰ ﻟﻠﺤﻲ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﻳﺘﺴﻠﻢ ﺃﻋﺘﺪﺗﻪ ﻭﺗﺠﻬﻴﺰﺍﺗﻪ ﻛﻞ ﺭﺑﻴﻊ.
ﻓﺈﺫ ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺄﻣﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻀﺨﻢ ﻧﺮﻯ ﺃﻥ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﺗﺮﺑﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺃﻟﻒ ﻧﻮﻉ، ﻭﺃﻣﻢَ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﺗﻨﻮﻑ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻛﻞُّ ﺃﻣﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻢ، ﻭﻛﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﻠﺒﺲ ﻣـلاﺑﺲ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ، ﻭﻟﻬﺎ ﺃﺭﺯﺍﻗُﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ، ﻭﻟﻬﺎ ﺗﺪﺭﻳﺒﺎﺕ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺕ ﻣﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻭﻟﻬﺎ ﺭُﺧﺺ ﺗﺨﺼﻬﺎ، ﻭﻣﺰﻭﺩﺓ ﺑﺄﺳﻠﺤﺔ ﻭﺃﻋﺘﺪﺓ ﺗـلاﺋﻤﻬﺎ، ﻭﻣﺪﺓ ﺧﺪﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ. ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍلاﺧﺘـلاﻑ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﺈﻥ ﻗﺎﺋﺪﺍً ﺃﻋﻈﻢ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﻋﻠﻤﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ ﻭﺇﺭﺍﺩﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﻭﺧﺰﻳﻨﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺗﻨﻀﺐ، لا ﻳﻨﺴﻰ ﺟﻨﺪﻳﺎً ﻗﻂ، ﻭلا ﻳﻠﺘﺒﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻲﺀٌ ﻣﻦ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﻭلا ﻳﺆﺧﺮ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻪ، ﺑﻞ ﻛﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﻭﺍلأﻣﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﻭﺍلأﻣﻢ ﻳُﺮﺳﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺭﺯﺍﻗُﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻭﻣـلاﺑﺴُﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﺳﻠﺤﺘُﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻐﺎﻳﺮﺓ، ﻭﺗُﺪﺭّﺏ ﺗﺪﺭﻳﺒﺎﺕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﺗُﺴﺮﺡ ﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻣﺘﺨﺎﻟﻔﺔ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻭﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺗﺎﻡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ. ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻫﺬﺍ ﻛﻞُّ ﺫﻱ ﻋﻴﻦ ﺑﺎﺻﺮﺓ، ﻭﻳﺪﺭﻛﻪ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻗﻠﺐ ﺷﻬﻴﺪ ﺇﺩﺭﺍﻛﺎً ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻛﻤﺎ ﺃﺛﺒﺘﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺣﺼﺔٌ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍلإﺣﻴﺎﺀ ﻭﺍلإﺩﺍﺭﺓ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍلإﻋﺎﺷﺔ ﺳﻮﻯ ﺻﺎﺣﺐِ ﻋﻠﻢ ﻣﺤﻴﻂ ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺑﺸﺆﻭﻧﻪ ﻛﺎﻓﺔ، ﻭﺻﺎﺣﺐِ ﻗﺪﺭﺓ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﺗﺪﻳﺮ ﺃُﻣﻮﺭﻩ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻟﻮﺍﺯﻣﻪ؟ ﺣﺎﺵَ ﻟﻠﻪ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺓ.
ﺇﺫ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ؛ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻭُﺟﺪ ﻓﻲ ﻓﻮﺝ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﺸﺮُ ﺃﻣﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻓﺈﻥ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﻛﻞ ﺃﻣﺔ ﺑﺄﻋﺘﺪﺓ ﻣﻤﻴﺰﺓ، ﻋﺴﻴﺮٌ ﺑﻌﺸﺮﺓ ﺃﺿﻌﺎﻑ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﻔﻮﺝ ﻛﻠﻪ ﺑﺎلأﻋﺘﺪﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻳﻠﺠﺄ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﻬﻴﺰﻫﻢ ﺑﺎﻟﻤـلاﺑﺲ ﻭﺍلأﻋﺘﺪﺓ ﺍﻟﻤﻮﺣﺪﺓ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﻲُّ ﺍﻟﻘﻴﻮﻡ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﺠﻬّﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺑﻮ ﻃﻮﺍﺋﻔُﻪ ﻭﺃﻣﻤُﻪ ﻋﻠﻰ ﺛـلاﺛﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺑﺘﺠﻬﻴﺰﺍﺕ ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻋﻦ ﺍلأﺧﺮﻯ، ﻭﺑﻜﻞ ﺳﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﺴﺮ، ﻭﺑﻐﻴﺮ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﺑﺎﻧﺘﻈﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ، ﻭﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ. ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻮﻕ ﻛﻞَّ ﻓﺮﺩ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻟﻠﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻪ: ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ ﺑﻞ ﻳﺠﻌﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺗﺘﻠﻮ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ:
﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:255).
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ: [ﻭﻳﻤﻴﺖ]
ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬَﺐ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﺃﻱ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻭﺍﻫﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻠﺒﻬﺎ ﻭﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻛﺬﻟﻚ.
ﻧﻌﻢ؛ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻟﻴﺲ ﺗﺨﺮﻳﺒﺎً ﻭﺍﻧﻄﻔﺎﺀً ﻛﻲ ﻳُﺴﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ، ﻭﻳُﺤﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻬﻤﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻇﺎﻫﺮﺍً ﺍﻧﺤـلالا ﻭﺍﻧﻄﻔﺎﺀً ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺒﺪﺃ ﻭﻣﻘﺪﻣﺔٌ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻟـلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﻋﻨﻮﺍﻥ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﻀﻤﺮ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓُ ﺗﺤﺖ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺗﻤﻮﺕ ﻇﺎﻫﺮﺍً ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻤﻀﻲ ﺑﺎﻃﻨﺎً ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺬﺭﺓ ﺍﻟﺠﺰﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻨﺒﻞ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ.
ﻟﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻳﺪﻳﺮﻫﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑـلا ﺭﻳﺐ.
ﻧﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻤﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻀﻤﻨﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻨﻘﻮﻝ:
ﻟﻘﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺜـلاﺛﻴﻦ»:
ﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺳﻴﺎﻟﺔٌ ﺑﺎلإﺭﺍﺩﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ.. ﻭﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺳﻴﺎﺭﺓٌ ﺑﺎلأﻣﺮ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ.. ﻭﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺗﺠﺮﻱ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻓﻲ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗُﺮﺳَﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﻳُﺨﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩُ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﺛﻢ ﺗﻨﺰﻝ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ. ﻓﺘﺄﺗﻲ ﺩﻭﻣﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺎلأﻣﺮ ﺍلإﻟﻬﻲ ﻭﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﻭﺗﺘﻨﻔﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﺛﻢ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ.. ﻓﺴﻴـلاﻥُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﻳﺘﻢ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻭﺳﺮﻳﺎﻧُﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍلاﻧﺘﻈﺎﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ.. ﻭﺟﺮﻳﺎﻧﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻤﻀﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﺒﺪﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻭﺗﻜﻠﻞ ﺑﺎﻟﺤِﻜَﻢ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ.
ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻗﺪﻳﺮﺍً ﺫﺍ ﺟـلاﻝ ﻭﺣﻜﻴﻤﺎً ﺫﺍ ﻛﻤﺎﻝ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺑﻘﺪﺭﺗﻪ ﺍﻟﻤﻄﻠﻘﺔ ﻭﻳﻮﻇّﻒ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ، ﻭﺟﺰﺋﻴﺎﺕ ﻛﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔٍ، ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﻤﺘﺸﻜﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ.. ﺛﻢ ﻳﺴﺮّﺣﻬﺎ ﺑﺤﻜﻤﺔ، ﻣُﻈﻬﺮﺍً ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻳﺮﺳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ. ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻮّﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻢ.
ﻓﻤﻦ لا ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺮﻣّﺘﻪ، ﻭلا ﻳﻨﻔﺬ ﺣﻜﻤُﻪ ﻓﻲ ﺍلأﺯﻣﺎﻥ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭلا ﺗﺒﻠﻎ ﻗﺪﺭﺗُﻪ ﻟﺘﻤﻨﺢ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﻛﻠﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ -ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﻓﺮﺩﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً- ﻭﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻛﺎﻟﺰﻫﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ، ﻳﻤﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﻀﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍلأﺭﺽ، ﺛﻢ ﻳﻘﻄﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ.. ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ لا ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍلإﻣﺎﺗﺔ ﻭﺍلإﺣﻴﺎﺀ ﻗﻄﻌﺎً.
ﺃﻱ ﺃﻥ ﻣﻮﺕ ﺃﻱ ﻛﺎﺋﻦ ﺣﻲ -ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺟﺰﺋﻴﺎً- لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺤﻴﺎﺗﻪ، ﺃﻱ ﻳﺠﺮﻱ ﺑﻘﺎﻧﻮﻥ ﺭﺏّ ﺫﻱ ﺟـلاﻝ، ﺑﻴﺪﻩ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ، ﻭﻳﺠﺮﻳﻬﺎ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﺑﻘﻮﺗﻪ ﻭﺑﻌﻠﻤﻪ.
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ: [ﻭﻫﻮ ﺣﻲ لا ﻳﻤﻮﺕ]
ﺃﻱ ﺃﻥَّ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺩﺍﺋﻤﺔ، ﺃﺯﻟﻴﺔ ﺃﺑﺪﻳﺔ. لا ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺕُ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻗﻄﻌﺎً. لأﻥَّ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺫﺍﺗﻴﺔٌ ﻟﻪ، ﻓﺎﻟﺬﺍﺗﻲ لا ﻳﺰﻭﻝ ﻗﻂ.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺍلأﺯﻟﻲ ﺃﺑﺪﻱ ﺑـلا ﺷﻚ، ﻭﺍﻟﻘﺪﻳﻢُ ﺑﺎﻕٍ ﺑـلا ﺭﻳﺐ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻭﺍﺟﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﺳﺮﻣﺪﻱ ﺍﻟﺒﺘﺔ.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺣﻴﺎﺓً.. ﻳﻜﻮﻥ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﺭﻩ ﻇـلا ﻣﻦ ﻇـلاﻟﻬﺎ، ﻛﻴﻒ ﻳﻌﺮﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻡُ!
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺣﻴﺎﺓً.. ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩُ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻨﻮﺍﻧُﻬﺎ ﻭلاﺯﻣُﻬﺎ، ﻟﻦ ﻳﻌﺮِﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻗﻄﻌﺎً.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺣﻴﺎﺓً.. ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺘﺠﻠﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊُ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ، ﻭﻳﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻟﻠﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﻞ ﻫﻲ ﻗﺎﺋﻤﺔٌ ﺑﻬﺎ، ﻟﻦ ﻳﻌﺮِﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀُ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻗﻄﻌﺎً.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺣﻴﺎﺓً.. ﺗُﻮﺭِﺙ ﻟﻤﻌﺔٌ ﻣﻦ ﺗﺠﻞٍ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺣﺪﺓً ﻟـلأﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺮَّﺿﺔ ﻟﻠﻔﻨﺎﺀ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﺑﺎﻗﻴﺔً ﻭﺗُﻨﺠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺘﺖ ﻭﺍﻟﺘﺒﻌﺜﺮ ﻭﺗﺤﻔﻆ ﻭﺟﻮﺩَﻫﺎ ﻭﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣُﻈﻬﺮﺍً ﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ -ﺃﻱ ﺗﻤﻨﺢ ﺍﻟﻜﺜﺮﺓَ ﻭﺣﺪﺓً ﻭﺗُﺒﻘﻴﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻭﻟّﺖ ﺗﺒﻌﺜﺮﺕ ﺍلأﺷﻴﺎﺀُ ﻭﻓَﻨِﻴَﺖ- لاﺷﻚ ﺇﻥ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﺀ لا ﻳﺪﻧُﻮﺍﻥ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻮﺍﺟﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﺟﻠﻮﺓً ﻣﻦ ﺟﻠﻮﺍﺗﻪ.
ﻭﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ ﺯﻭﺍﻝُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻓﻨﺎﺅﻫﺎ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻛﻤﺎ ﺗﺪﻝ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻭﺻﻨﻮﻑِ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻤﻮﺕ ﻭﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ (حاشية) ﺇﻥ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺤﺎﺟﺠﺘﻪ ﻧﻤﺮﻭﺩ ﻓﻲ ﺍلإﻣﺎﺗﺔ ﻭﺍلإﺣﻴﺎﺀ، ﺇﻟﻰ ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻭﺗﻌﺠﻴﺰ ﻧﻤﺮﻭﺩ ﺑﺈﺗﻴﺎﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، ﻫﻮ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻭﺗﺮﻕٍ ﻣﻦ ﺇﻣﺎﺗﺔ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀٍ ﺟﺰﺋﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺇﻣﺎﺗﺔ ﻭﺇﺣﻴﺎﺀ ﻛﻠﻴﻴﻦ، ﺃﻱ ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺳﻊ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻭﺃﺳﻄﻌﻬﺎ، ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻮ ﺻﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺩﻟﻴﻞ ﻇﺎﻫﺮ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺨﻔﻲ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ.. ﺗﺪﻝ ﻭﺗﺸﻬﺪ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉ ﻣﻮﺗِﻬﺎ ﻭﺻﻨﻮﻑ ﺯﻭﺍﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺳﺮﻣﺪﻳﺘﻬﺎ؛ لأﻥَّ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺑﻌﺪ ﺯﻭﺍﻟﻬﺎ ﺗﺄﺗﻲ ﻋَﻘِﺒَﻬﺎ ﺃﻣﺜﺎﻟُﻬﺎ ﻓﺘﻨﺎﻝ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓَ ﻣﺜﻠَﻬﺎ ﻭﺗﺤﻞّ ﻣﺤﻠﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺣﻴﺎً ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻣﻮﺟﻮﺩٌ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﺪّﺩ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺗﺠﻠﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ؛ ﺇﺫ ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﺳﻄﺢَ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻭﺗﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺗﺘﻠﻤﻊ ﺛﻢ ﺗﺬﻫﺐ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺗﺘﻠﻤﻊ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﺜﻠﻬﺎ، ﻭﻫﻜﺬﺍ.. ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺇﺛﺮ ﻃﺎﺋﻔﺔ، ﻛﻞٌ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺘﻠﻤﻊ، ﺛﻢ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﻭﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺷﺄﻧﻬﺎ.. ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺐ ﻓﻲ ﺍلاﻟﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍلاﻧﻄﻔﺎﺀ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺷﻤﺲ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ.. ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺸﻬﺪ ﺗﺒﺪﻝُ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﻣﻨﺎﻭﺑﺘِﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺀ ﺣﻲّ ﺑﺎﻕٍ ﻭﻋﻠﻰ ﺩﻭﺍﻣﻪ.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻣﺮﺍﻳﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺍﻟﻈـلاﻡُ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﺁﺓ ﻟﻠﻨﻮﺭ ﺑﺤﻴﺚ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺷﺘﺪ ﺍﻟﻈـلاﻡ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺳﻄﻮﻉُ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﻓﺎﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺃﻳﻀﺎً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻀﺪﻳﺔ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﺗﻘﻮﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ.
ﻓﻤﺜـلا: ﺇﻥَّ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺑﻌَﺠﺰﻫﺎ، ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻏﻨﺎﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻔﻘﺮِﻫﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺪﻝ ﺑﻔﻨﺎﺋِﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.
ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﻟﺒﺎﺱَ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺟﻠﺒﺎﺏ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﺒﺴﻪ ﺳﻄﺢُ ﺍلأﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ، ﻭﺗﺒﺪُّﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤـلاﺑﺲ ﺑﺤُﻠﻞ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﺰﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﻄﺎﻓﺤﺔ ﺑﺎﻟﻐﻨﻰ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺍﺕ، ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻳﺮ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﻏﻨﻲ ﻣﻄﻠﻖ ﺍﻟﻐﻨﻰ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻣﺮﺁﺓ ﺻﺎﻓﻴﺔ لإﻇﻬﺎﺭ ﻗﺪﺭﺗﻪ ﻭﺭﺣﻤﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.
ﻧﻌﻢ، ﻟﻜﺄﻥ ﺟﻤﻴﻊَ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻭﺗﻨﺎﺟﻲ ﺭﺑَّﻬﺎ ﺑﻤﻨﺎﺟﺎﺓ «ﺃﻭﻳﺲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻲ» ﻭﺗﻘﻮﻝ:
«ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻨﺎ..
ﺃﻧﺖ ﺭﺑُّﻨﺎ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻭﻥ ﻋﻦ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ، ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺑﻴﻨﺎ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﻮﻥ، ﻣﺼﻨﻮﻋﻮﻥ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺯﻕ، ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻗﺎﺻﺮﺓٌ ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺨﻠﻘﻨﺎ ﻭﺗﺮﺯﻗﻨﺎ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻣﻤﻠﻮﻛﻮﻥ، ﻳﺘﺼﺮﻑ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ ﻏﻴﺮُﻧﺎ ﻓﺄﻧﺖ ﻣﺎﻟﻜﻨﺎ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﺍلأﺫلاﺀ، ﻟﺒﺴﻨﺎ ﺛﻮﺏَ ﺍﻟﺬﻝ ﻭﻟﻜﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺟﻠﻮﺍﺕُ ﻋﺰٍّ، ﻓﻨﺤﻦ ﻣﺮﺍﻳﺎ ﻋﺰّﺗﻚ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻳُﺴﻠَّﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﺪ ﻓَﻘﺮﻧﺎ ﻏﻨﻰ
ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ لا ﻧﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻧﻤﻮﺕ، ﻧﺮﻯ ﺟﻠﻮﺓَ ﺣﻴﺎﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﻮﺗﻨﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻨﺎ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻓﺎﻧﻮﻥ ، ﻧﺮﻯ ﺩﻭﺍﻣَﻚ ﻭﺑﻘﺎﺀﻙ ﻓﻲ ﻓﻨﺎﺋﻨﺎ ﻭﺯﻭﺍﻟﻨﺎ.
ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻤﺠﻴﺐ ﻭﺃﻧﺖ ﺍﻟﻤﻌﻄﻲ، ﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﻛﻠُّﻬﺎ ﻧﺴﺄﻝ ﺑﺄﻟﺴﻨﺔِ ﺃﻗﻮﺍﻟﻨﺎ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ
ﻭﻧﺼﺮﺥ ﻭﻧﺘﻀﺮﻉ ﻭﻧﺴﺘﻐﻴﺚ، ﻓﺘﺘﺤﻘﻖ ﻣﻄﺎﻟﺒُﻨﺎ، ﻭﺗُﻨﻔَّﺬ ﺭﻏﺒﺎﺗُﻨﺎ،
ﻭﺗﻮﻫﺐ ﻣﻘﺎﺻﺪُﻧﺎ. ﻓﺄﻧﺖ ﺍﻟﻤﺠﻴﺐ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ…».
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻨﺎﺟﻲ ﺟﻤﻴﻊُ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺟﺰﺋﻴّﻬﺎ ﻭﻛﻠﻴّﻬﺎ ﺭﺑَّﻬﺎ ﻛ «ﺃﻭﻳﺲ ﺍﻟﻘﺮﻧﻲ» ﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ، ﻭﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺆﺩﻱ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﻭﻳﻌﻠﻦ ﻛﻞ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﺑﻌَﺠﺰﻩ ﻭﻓَﻘﺮﻩ ﻭﺗﻘﺼﻴﺮﻩ ﻗﺪﺭﺓَ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻛﻤﺎﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ.